|| إحنا عايزين إيه ؟ ... كورة واللا احتراف خارجي ؟ ||

الاثنين 30 يوليو 2007, 22:45 كتب : محمد مصطفي

وأرى أن مشكلتنا في مصر أننا مانعرفش إحنا عايزين إيه، عايزين محترفين مصريين بالخارج حتى نحجز مكان دائم في كأس العالم كما يردد البعض، والا عايزين دوري قوي للمتعة والإثارة ؟ كما يردد آخرون ؟، معادلة صعبة لأننا بالتأكيد نختلف عن أوروبا، في أوربا محترفين ودوريات ممتعة قوية، وفي...   أفريقيا إما محترفين وإما دوري قوي نسبياً، فتجد محترفين في نيجيريا والكاميرون وكوت ديفوار والمغرب وغيرها ولا تجد بطولة قوية تقترب من البطولات الأوروبية، وفي الوقت نفسه لدينا مفهوم خاطئ يقول أن الدوري موجود من أجل صنع منتخب قوي، وخطأ المفهوم لأن الدوري لم يوجد في العالم كله منذ بدأ في القرن الماضي لصنع منتخب وإنما من أجل ممارسة الرياضة نفسها بجانب المتعة والإثارة للمشاهد، فكرة القدم مثلها مثل التمثيل وجدت لمتعة المشاهد وممارسة الرياضة نفسها، وكلما زادت المتعة والإثارة وكانت الممارسة سليمة فسنحصل على منتخب قوي، وإلا ما فائدة وجود مدرجات بالملاعب ؟، فما الداعي لها طالما يريد البعض تفريغ الكرة المصرية من مواهبها؟، ولماذا سيذهب المشجعون للملاعب طالما لا يوجد بها لاعبون؟.

لو سرنا وراء من ينادي باحتراف لاعبينا وفتح الباب لهم، ستصبح لدينا أزمة بسبب ندرة الموهوبين في ملاعبنا، وبالتالي ستتراجع الكرة في البطولات المحلية وسيتراجع عدد المشجعين في الملاعب وهو أصلاً متراجع منذ فترة، وستتراجع مستويات أنديتنا ولن نضمن في الوقت نفسه أن يكون محترفينا بمستوى محترفي الكاميرون وكوت ديفوار ونيجيريا، كما أن هؤلاء المحترفين الأفارقة كثيراً ما مثلوا ورقة ضغط على الاتحادات المحلية يفرضون عن طريقها شروطهم للعب لمنتخبات بلادهم، ولو حدث هذا لدينا إذن لا طلنا عنب الشام ولا بلح اليمن.

أيضاً وفي ظل تطبيق نظام الاحتراف في مصر، وبعيداً عن كون هذا النظام معطوب أو سليم فهناك حقوق للأندية في الاحتفاظ بلاعبيها، ومن حق الأندية أن يكون لها ولجماهيرها طموحها في الفوز بالبطولات المحلية والقارية، وليس من حق أحد أن يفرض عليها أن تترك لاعبيها للأندية الأوروبية، فليس من العدل أن نتهم أي نادي بأنه حرم لاعبه من الاحتراف وبالتالي حرم المنتخب من لاعب سيأخذ خبرة دولية أكبر، ومسئولو النادي ومشجعيه يريدون أن يفوز النادي بالبطولات، وهذا حق أصيل لهم، يعني من الآخر مصر ليست دولة مصدرة للاعبين مثل أغلب دول أفريقيا بل هي دولة مصنفة أفريقياً وعالمياً ويهمنا أن يكون لدينا دوري قوي و محترفين بالخارج والداخل، ويهم الجمهور أن يستمر فريقه في الفوز بالبطولات القارية وغيرها.

معادلة صعبة بالفعل أن يكون لدينا دوري قوي وعدد كبير من المحترفين يوسع دائرة اختيار اللاعبين للمنتخبات من المحترفين بالخارج والداخل معاً، واتحادات الكرة المتعاقبة لم تفلح في حل هذه المعادلة، فلماذا لا نفكر في حلول تضمن أن توافق الأندية على احتراف لاعبيها في أوروبا، ونحاول منع عودة هؤلاء المحترفين لمصر مرة أخرى عن طريق الإغراءات المالية الكبيرة التي تقدمها لهم الأندية، في الوقت الذي نحافظ فيه لأنديتنا بقوتها وحقها في المنافسة والفوز بالبطولات محلياً وقارياً، مع ضرورة وجود دوري قوي بالداخل يفرز لاعبين موهوبين حتى لا نضع أنفسنا تحت ضغط المحترفين بالخارج كما يحدث في دول أفريقيا ؟.

ولأنني مؤمن بأن دور الناقد ليس انتقاد المشكلة دون وضع حلول لها، بل الناقد لابد أن يوجد الحلول للمشكلة، فسأحاول وضع حلول لهذه المعادلة الصعبة قد تصل بنا لحل أمثل.

فهناك معادلة صعبة بالفعل، أن يكون لدينا دوري قوي وعدد كبير من المحترفين أوروبياً يوسع دائرة اختيار اللاعبين للمنتخبات من المحترفين بالخارج والداخل معاً، فلابد من حلول تضمن موافقة الأندية على احتراف لاعبيها في أوروبا، ونقلل فرص عودتهم لمصر مرة أخرى، وفي نفس الوقت نحافظ فيه لأنديتنا بقوتها وحقها في المنافسة والفوز بالبطولات محلياً وقارياً، مع ضرورة وجود دوري قوي بالداخل يفرز لاعبين موهوبين حتى لا نضع أنفسنا تحت ضغط المحترفين بالخارج كما يحدث في دول أفريقيا.

الحل أن تكون هناك حوافز للأندية لتترك لاعبيها للاحتراف، حالياً مثلاً هناك عروض لمتعب وتريكة وشوقي وعمرو زكي، وقد تكون هناك عروض أخرى في حال وجود باب مفتوح وحوافز للأندية لتترك لاعبيها ، وكما نعلم فنسبة احتراف الأربعة لاعبين قليلة لأن الأندية تريد الاحتفاظ بقوتها لتحقيق بطولات ترضي جماهيرها، فكيف إذن يكون الحافز لنصل لحل للمعادلة ؟.

الحل في أن يكون من حق النادي الذي ترك لاعباً في فريقه الأول حق إضافة لاعب محترف من الخارج بدلاً منه، حالياً اللوائح تسمح بقيد ثلاثة لاعبين محترفين يشارك منهم بالملعب اثنان فقط، إذن فيضيف النادي لاعباً محترفاً مكان اللاعب المصري الذي تركه للاحتراف الأوروبي بحد أقصي خمسة أو ستة لاعبين أجانب يشارك منهم في المباراة المحلية أربعة لاعبين فقط، ويستفيد منهم جميعاً قارياً، على أن يستفيد النادي من الحافز لمدة معينة ثلاث سنوات مثلاً وبعدها يفقد الميزة، وبشرط أن آخر أن يكون احتراف اللاعب في نادي بالدرجة الأولى في دولة من دول المستوى الأول أوروبياً، على أن يكون الحافز لمدة ثلاثة سنوات للاعب الذي يبلغ عمره أقل من ستة وعشرون عاماً، أما اللاعب الذي يتعدى هذا السن فيكون الحافز لناديه أن يضم لاعباً أجنبياً لمدة عامين فقط.

فلا يمكن أن يكون الحافز موجوداً لأي دولة والسلام، فالاحتراف في إنجلترا يختلف عن البانيا، فيكون الحافز للنادي ضم لاعب أجنبي لمدة ثلاث سنوات عند احتراف لاعبه أوروبياً في دول المستوى الأول وهي انجلترا واسبانيا وايطاليا والمانيا، أما دول المستوى الثاني كهولندا وبلجيكا والبرتغال وروسيا وتركيا مثلاً ولفريق من الخمسة الأوائل بالدوري هناك، فيكون الحافز هو نفسه ولكن تقل استفادة النادي به إلى عامين فقط، وخلاف هذه الدول لا يوجد الحافز.

وكمثال عملي على هذا فلو أراد نادي إنجليزي شراء عماد متعب من النادي الأهلي "عمره أقل من ستة وعشرون عاماً" فللأهلي حق ضم لاعب أجنبي إضافي لمدة ثلاث سنوات بعدها لا يمكنه الاحتفاظ به، ولو أراد نادي أسباني شراء أبو تريكة من الأهلي "عمره أكبر من ستة وعشرون عاماً" فللأهلي حق ضم لاعب أجنبي إضافي لمدة عامين بعدها لا يمكنه الاحتفاظ به، ويقل الحافز بالنسبة للنادي الأهلي في حالة بيع متعب وتريكة لنادي يقع في دولة من دول المستوي الثاني فيستفيد الأهلي في حالة بيع متعب إلي عامين فقط، وفي حالة أبو تريكة لعام واحد، ونفس الأمر ينطبق على عمرو زكي وجمال حمزة وحسني عبد ربه وغيرهم من اللاعبين.

قد يتحدث البعض عن فرص تصعيد الناشئين، والرد عليهم أن التصعيد حالياً لا يستفيد منها إلا اللاعب الموهوب بالفعل كما حدث مع عماد متعب وحسام عاشور، والناشئ الموهوب يفرض نفسه على أي مدرب في أي وقت ولا داعي لأن نطلب ما لن يحدث لأن الاحتراف جعل الجميع يبحثون عن اللاعب الموهوب الجاهز، ولا يعقل أن تطلب من نادي بيع لاعبيه المؤثرين وتطلب منه أن يصعد ناشئين بدلاً منهم، هنا لن يترك لاعبيه للاحتراف، وسنظل ندور في حلقة مفرغة نعيشها حالياً ولا تصعد الأندية الكبرى ناشئين، فالدول الكبرى لديها أنديتها التي تستعين بعدد كبير من الأجانب ورغم هذا منتخباتها في غاية القوة والناشئ يفرض نفسه على الجميع، وكما نتحدث كثيراً عن نظم الكرة أوروبياً فعلينا حين ننظر إليها أن ندقق في قوائم اللاعبين لنعرف كم عدد الناشئين هناك المنضمين للأندية هناك، القصة مش كلام وبس عن أوروبا ونحن أبعد الناس عنها، فالناشئ في أوروبا لا يصعد للفريق الأول إلا لو كان موهوباً بالفعل بل ومستواه قد يفوق محترفين مثلما صعد أوين من قبل وغيره.

هذا هو الحل العملي لقضية احتراف لاعبينا في أوروبا، أما كيف نقلل من فرص عودة المحترفين لمصر مرة أخرى بعد احترافهم بأوروبا فهذه قضية كبيرة، فأنديتنا قد يكون لها العامل الأكبر في عودة محترفينا من أنديتهم الأوروبية لمصر.

فالإغراءات المادية كبيرة ويكفي أن اللاعب المصري المحترف بالخارج يتم إغراءه بالحصول على مقابل يكاد يقترب من مثيله في أوروبا،وهناك حالة حاضرة أمامنا وهي حالة حسني عبد ربه الذي عاد للإسماعيلي بمقابل مالي يبلغ ضعف زملائه بالفريق، مما أدى في النهاية لرفع تعاقدات باقي زملائه وبالتالي حدثت أزمة مالية كبيرة يعيشها الإسماعيلي حالياً نتيجة عدم القدرة على الوفاء بمستحقات اللاعبين، وهناك عامل إغراء آخر وهو الشهرة الناتجة عن الأضواء الإعلامية التليفزيونية والصحفية بصورة شبه يومية ترضي غرور أي لاعب وهو مقيم بين أهله وناسه.

لذا يجب أن يكون هناك حل كي نقلل من إغراءات الأندية المصرية الراغبة في تدعيم صفوفها عن طريق عودة محترفينا بالخارج إليها، صحيح أننا لن نستطيع أن نمنعها تماماً ولكن أعطينا حوافز للأندية لترك لاعبيها للاحتراف الأوروبي فيجب أن تكون هناك لوائح تقلل من الإغراءات الموجهة من الأندية في مصر للاعبينا المحترفين.

وأفضل حل لهذا الأمر أن يتم حرمان أي نادي يسعى لضم لاعب مصري محترف في أوروبا من أحد الأجانب الثلاثة المنضمين إليه بناء على لوائح إتحاد الكرة وذلك لفترة محددة، فلو كان سن اللاعب يقل عن ستة وعشرين عاماً فيحرم النادي لمصري الذي يريد ضمه من لاعب أجنبي ثلاثة مواسم، وفي حالة تخطي عمر اللاعب السنوات الستة والعشرين فيحرم النادي لمصري الذي يريد ضمه من لاعب أجنبي لمدة عامين، وذلك بغض النظر عن أنه من الممكن أن ينتقل هذا اللاعب بعد ذلك لنادي مصري آخر، فالحرمان يستمر على النادي الأول نتيجة تسببه في عودة لاعب مصري محترف لمصر وبالتالي تسببه في ضرر للكرة المصرية، حتى ولو كان اللاعب محترف عن طري النادي العائد إليه.

بهذه الطريقة ستقل كثيراً قيمة اللاعب المصري المحترف بالخارج حال عودته لمصر فنياً لأنه سيخصم من رصيد اللاعبين الأجانب في الفريق المنضم إليه، ومالياً لأن قيمته المالية ستقل وسيضطر للتضحية بعائد مالي كبير في حالة إذا كانت العودة لمصر بناء على رغبته الشخصية، لأنه تسبب في خسارة فنية للفريق العائد إليه.

وكمثال عملي على هذا فلو أراد النادي الأهلي ضم أحمد فتحي فيحرم فوراً من لاعب أجنبي من الثلاثة المنصوص عليهم في لوائح إتحاد الكرة، حتى وإن انتقل فتحي في العام التالي لنادي آخر نظراً لأن الأهلي هو المتسبب في عودة اللاعب وإغراءه، نفس الأمر على حسام غالي وأحمد حسام ميدو وحسني عبد ربه وغيرهم من اللاعبين، مع تطبيق شرط السن لتطبيق مدة حرمان النادي من لاعب أجنبي.

هذا الاقتراح لا يتعارض مع الحافز المعطى للأندية لتترك لاعبيها للاحتراف أوروبياً، فالنادي الذي يترك لاعبه ليحترف أوروبياً يتم تحفيزه بضم لاعب أجنبي خلاف الثلاثة المنصوص عليهم في اللوائح لفترة محددة، والنادي الذي يسعى لضم لاعب مصري محترف في الخارج يتم حرمانه من لاعب أجنبي من الثلاثة المنصوص عليهم في اللوائح لفترة محددة أيضاً.

فليس من المنطقي أن يقوم نادي بترك لاعبه للاحتراف في أوروبا ويقوم نادي آخر بإعادته لمصر، ثم نتحدث عن ندرة اللاعبين المحترفين بالخارج، فالمصري المحترف بالخارج لابد أن يعامل لمدة معينة كلاعب أجنبي عندما يعود لمصر حتى تفكر الأندية ألف مرة قبل أن تحاول ضمه لصفوفها، الإسماعيلي وإنبي يحترف لاعبوهم ويسعى الأهلي والزمالك لعودتهم، ويحترف غيرهم من الأهلي والزمالك ويعودوا لأندية أخرى كالإسماعيلي، والحالات كثيرة في هذا الصدد.

كما أن هناك بعد آخر يتعلق بالسماسرة، فسيقل نشاطهم في مجال إنتقالات اللاعبين المحترفين بالخارج ومحاولة إعادتهم لمصر، وسيزيد في مجال ترويج اللاعب المصري من كل الأندية المصرية وليس الأهلي والزمالك والإسماعيلي فقط، فبناء على هذه الحوافز سيكون العرض أكبر بدلاً من اللعب بمقدرات الأندية الكبيرة، وسيحاولون أن ينتقل عملهم للأندية الأخرى فلعل منهم من يحترف بالخارج ويفيد الكرة المصرية، وسيزيد أيضاً من جودة المعروض على الأندية المصرية من اللاعبين الأجانب حتى يتركوا لاعبيهم للإحتراف أوروبياً.

أعتقد أن هذه هي الحلول الأنسب بعيداً عن الصراخ الإعلامي، فهناك صراخ إعلامي ضد الأندية الرافضة لاحتراف لاعبيها، أو الراغبة في إعادة لاعبين من استكمال تجربة الاحتراف، لأن الصراخ يخرج عادة من الإعلاميين المنتمين للأندية المنافسة، فكل يريد إضعاف الفريق الآخر، ولا حساب للمصلحة العامة، وبالطبع الحلول قابلة للمناقشة للوصول لأفضل الطرق لتطبيقه، فهي مجرد اقتراحات يمكن بلورتها بعدة وسائل لتلائم فرقنا، ونحن نتكلم كثيراً ولم نفكر يوماً في أن ننفذ فكراً معيناً، فلماذا لا نفكر في هذه الحلول ونجربها لعلها تصل بنا لحل للمعادلة الصعبة ؟.

المقال منشور في موقع أهلي نيوز بالتزامن مع جريدة الدستور.

تعليقات