دراما كروية تكشف عن فرقة كوماندوز أسطورية

الثلاثاء 03 يوليو 2007, 23:15 كتب :

ولو أراد كاتب سيناريو بارع أن يؤلف قصة مباراة تحتوي علي ألوان الإثارة والإبداع وحاول – مجرد المحاولة – أن يتخيل سيناريو تتجه له الأبصار والقلوب وتدمع له الأعين وتُسرق له الأنفاس ما استطاع أن يتخيل سيناريو كُتب علي أرض الواقع علي أرض مسرح جذب أنظار العالم إليه، وانفجرت...   كل الأحاسيس والمشاعر عليه، ولو فكر ذات يوم أن يكتب سيناريو مشابه لما تحقق علي مسرح "إستاد القاهرة" أمس في سيناريو دربي الكرة المصرية لاتهمته الجماهير بالعبث بعقولها واللعب علي أوتار مشاعرها في تصرف مجنون يبغي إشعال مشاعر السعادة والشجون !.

هذا لأن ما حدث في سيناريو كأس الأحلام المصري كان دراما كروية أقرب إلي الخيال بحق، دراما كشفت لنا أن هناك علي أرض مصر فرقة انتحارية تُلقب بالشياطين الحمر، فرقة أسطورية لا تعرف إلا الكفاح ولغة الانتصار، فرقة تأبي إلا أن تخوض معاركها دون أن يتملكها ذرة يأس ولو واجهت ظروفاً غير تقليدية قلما تحدث إلا في لغة السحر والشعوذة، فرقة تمتلك قلوبا تمتلك مشاعر ميتة ضد الخوف من الهزيمة، فرقة تقبلت اختبارات من رب الأرض والسماء، أراد الله بها أن يستكشف ما يعتمل في دواخلهم وهو أدري بها وعالم بها فوهب التوفيق بأكمله للفريق "الأبيض" في هذا المساء، وأمر الكرة بأن تعاند لاعبي الأهلي في مشهد دراماتيكي قلما تواجد مثله علي أرض هذا المسرح، فرأينا الكرة تأبي إلا أن تبتعد عن مرمي "عبد المنصف" وهي علي بعد أمتار قليلة، ثم تنطلق بسرعة الصاروخ إلي مرمي "أمير" وهي كانت بعيدة كل البعد عنه لتحوّل كرة أقرب إلي العشوائية إلي فرحة زملكاوية أسطورية، ولكن رب القلوب كان رحيما بقلوب عمرت بالإيمان، كان عادلا وهو عادلا في كل الأوقات، اختبرها وهو يعلم أنها تثابر وتصبر وتأخذ بالأسباب، كانت الكرة تعاندهم وتغتال أفراحهم، فأراد الله أن يكلل صبرهم وكفاحهم بنصر عزيز ذيّلته توقيع هذه الدراما الكروية، ليشهد الفصل الأخير منها أن هناك فريقا علي أرض الكنانة يكافح حتى صفارة النهاية، فريقا يصمد ويتحدي كل الظروف، فريقا كان يشهده مسرح الإستاد ويشجعه فيه الألوف، فريق للعالم أصبح أسطورياً مألوفاً، إنها كتيبة تعزف لحن النصر في كل معاركها وفرقة تثابر وتكافح وتحقق أحلام محبيها في كل خطواتها، وكشفت لنا تلك الدراما الكروية أنها :

"فرقة كوماندوز أهلاوية .شهد لها العالم أنها أسطورية"

**********

رسالة من الكرة بعنوان : هكذا يكون الحب

أبعث إليكم برسالتي هذه من قلب "إستاد القاهرة"، وأنت ستفهمون اللغة التي راسلتكم بها لأنها لغة الأحاسيس والمشاعر، بعيدا عن لغة الحروف الأبجدية، سأخاطبكم بلغة هي نبع جفت أمامه دموع الأنهار، وتهاوت أمامه أشرعة الكراهية وذاب معها جليد الحقد وتحطمت أمامها كل الأبواب، وزغردت معها القلوب !.

أعلم أنكم تتهكمون علي رسالتي وكيف لكرة من الجلد أن تعبّر لكم عن مشاعرها، وكيف لي أن أعبر عما يعتمل بدواخلي تجاه كيان أعشقه وهذا ضد طبيعتي الساحرة، لقد عبرت لفارسي هذا النادي الذي تعشقونه في مصر وتلقبونه بالشياطين الحمر، سأعلنها لكم إني أعشقه بجنون، أعشقه ولاعبيه يتغزلون بي ويتلاعبون بي برفق وحب، أعشقهم وأنا أري في أعينهم براءة المحبين، وصدق الطيبين، أتشوق دائما للقائهم، وأذوب عشقا في قلوبهم، وربما كانت أصعب اللحظات التي مرت علي حياتي منذ أن اخترعوني في بلاد "الانجليز" هي لحظة محاولة التعبير عن حب يعصف بقلبي الرقيق، ربما تنازلت وقتها عن كبريائي أمام العالم كله وأعلنت عن عشقي لهذا النادي في قلب إستاد القاهرة، وربما أعلنت عن حبي هذا بطريقة خاطئة، ولكني أردت أن أعبّر عن مشاعري وأجد صدي يمنح فارسي الحقيقة التي كنت أخفيها عنه طول الوقت!.

حقا إن العشق يسبب بعض الآلام اللذيذة، ونفسي اختلجت بعشق لنادي أحمر يقابلني كثيرا، وتكون لحظة اللقاء عامرة بكل أحاسيس النقاء، فلمست في فارسي الشجاعة والعطاء، وليست كل القلوب تنعم بالثراء، وثراء قلبي أكبر أن أضعه أمام قلوب فقدت بريقها ولا تعشق إلا ذاتها واستعراض مهارتها والبحث عن شهرة بيضاء يبحثون عنها ويهربون إليها !.

لو تركت القلم ينساب فلن ينساب إلا بدموع ترقرقت بداخلي، فبماذا تتكلم الحروف، وبأي مداد يمتلئ به قلمي، لا أدري !، لا أدري، ولكن قد أترك كل ذلك وأضع عقلي شاردا وقلمي عاجزاً أمام حقيقة أردت أن أصل بها إلي قلبك فارسي، وسيدرك قلبك الحنون بأنني لم أكن أقصد تعذيبك بحبي وأنا أبتعد عنك وأتعفف أمامك علي إستاد القاهرة، لقد كنت أبتعد عنك لأثبت لك حبي، أتدلل أمامك وأهرب منك لأثبت أنني ساحرة وكنز في يدك يا أهلي، فلا تغضب مني لأني أعلنت عن حبي بهذا الشكل فدقات قلبي ازدادت رغما عني، ولا أخشي غضبك لأنك تحبني، فالحب أنا، وأنا الحب، وبكل الحب أحبك يا أهلي يا عشقي وحبيبي، أحبك يا أجمل معني يعانق قلبي، أحبك وسأتقاسم حب أحبائك وجماهيرك، ولكنني وحدي سأسير معك في رحلتك أبد الدهر يا حب العمر، يا أهلي مصر !.

**********

مايسترو ومنقذ ساحر اسمه أبو تريكة

لو توفرت كل الآلات الموسيقية باختلاف أنواعها ومعها كان مهندس الصوت بارعا وامتلأت قاعة الحفل بالجماهير لن تتألق الفرقة الموسيقية وتعزف لنا أجمل الألحان إلا بوجوده معنا فهو مايسترو القيادة وضابط الإيقاع !.

تلك الجملة ستنطلق بديهيه تلقائية من فم أصغر عازف في أي فرقة موسيقية عندما تسأله عن السبب الأهم والرئيسي لكي تعزف لنا الفرقة الموسيقية أجمل الألحان، وهذا ما فعله "مايسترو" الأهلي و الكرة المصرية وفتاها الأول الساحر "أبو تريكه"
في مباراة (الأهلي x الزمالك)، وهو يسجل هدفا التعادل الثاني في وقت كان لاعبي الزمالك وجماهيره يتأهبون لحمل الكأس، فكان بمثابة القائد والمايسترو لفرقة كوماندوز الأهلي للإبداع والفنون الكروية - التي عزفت لنا أجمل سيمفونية كروية تجلت لنا علي مسرح (إستاد القاهرة الدولي) .

فكان هو قائدها وملهمها للإبداع يوصل الفرقة بالإمدادات الهجومية، يعزف ألحان مبتكره غير تقليدية، يفاجئ المنافس بوصلات ترقيصية تدك حصونه، يربط بين أعضاء الفرقة الموسيقية ويغطي علي أي عيوب لدي أي عازف في فرقته، كان حاضرا في كل المناسبات، وفارسا منقذا لكل الأوقات، انتشل فريقه كثيرا في أحرج المواجهات، وساهم في جعل الفرقة الأهلاوية للفنون الكروية في غاية إبداعها، وأوج تألقها فكانت كالإعصار الأحمر يقتلع كل من يواجهه، مؤكدا علي أن "المايسترو" هو فتي اللحظات العصيبة لا مجرد أن يكون نجما لدي الجماهير يسعد بسماع هتافاتها، ولكنه قائدا يمد يده لفرقته وهم يعشقونه ويبحثون عنه في الميعاد ويحققون كل الأمجاد، راسمين معه أجمل التابلوهات الكروية الفنية علي أرض المسرح الدولي (إستاد القاهرة الدولي ) !.

**********

في المسألة الفنية .لقمة الكأس الدراماتيكية

في مباراة بحجم نهائي كأس مصر، وفي قوة وأهمية وجماهيرية دربي القاهرة الأشهر في الشرق الأوسط، تبدأ القراءة الفنية للمباراة في تلك القاعة المكيّفة التي يطلقون عليها "قاعة المحاضرات" وتلك السبورة التي يقف أمامها المدير الفني لكل فريق ليلقي بتعليماته وتشكيله، والمهام المكلف بها كل لاعب، وفي مثل الحالات تبقي للقراءة الفنية النسبة الكبري لتحقيق النصر، ويبقي لتوفيق اللاعبين في تنفيذ قراءة المدير الفني الجانب الآخر للوصول إلي الفوز وتحقيقه !.

وكم كان الساحر "جوزيه" عبقريا في قراءته للمباراة ووضع التشكيلة الملائمة لتحقيق أهدافه وتنفيذ قراءته للمباراة كعادته في إجادة القراءة للمباريات الحاسمة والمصيرية، فنزل إلي أرض الملعب غير مكتفيا بما قرأه قبل المباراة، ولكنه جاهزا لتكملة قراءته الفنية أثناء المباراة ذاتها، فلعب بتشكيل فرقة "كوماندوز" تاركا مهام متعددة لفتي الأهلي وملك الحركات الموهوب "بركات"، حتى أن كل من كان في الملعب لم يعرف أين يلعب هذا الفتي التكتيكي الموهوب فهو يلعب في كل أرجاء الملعب بدرجة إجادة تندر بها العيوب، وترك "المايسترو" تريكة أدوات العزف كلها ليعزف لحن "الفارس" كيفما شاء فجعل القاهرة ومحافظات مصر تعيش سهرة ونشوه حمراء !.

ولم تتوقف عبقرية "جوزيه" عند توظيف اللاعبين علي أرض الملعب، ولكن أن يحتفظ المدير الفني بهدوئه واتزانه وهو يري فريقه في برج نحسه، والكرة تخرج لسانها للاعبيه وهم يتناقلونها فيما بينهم بسهولة ويسر ويسيطرون علي منطقة جزاء الزمالك كمن يسيطر علي منطقة عسكرية بقوات جنوده، ثم فجأة وعلي عكس اتجاه الإعصار الأحمر المتتالي لجنوده، يري الكرة تطير إلي الهواء لا تعرف إلي أين تتجه وفي أي بقعة ستستقر، لتجد رأسا تطير إليها من محارب أبيض اسمه "زكي" طار إليها وسجل هدفا يُطلق عليه في قاموس كرة القدم انه جاء من "لا فرصة" أو أنه جاء كما غني المطرب الشهير "محمد منير" بالحظ والصدف !، فلم يفقد أعصابه وهو يعرف أنه يملك فريقا مدججا بروح قتالية وبمهارات فردية قادرة علي أن تواجه كل الظروف وتتجاوز أصعب اللحظات، وبكرة متفق عليها وبتوقيع ساحر عبقري اسمه "جوزيه" جاءت الكرة العالية من رأس "فلافيو" إلي قدمي "المتعب" جدا "عماد" ليسجل هدفا بعد أن أضاع حفنة أهداف معلنا أن المارد الأحمر موجود وقادر علي تجاوز الحظ المفقود !.

ولكن كيف دارت المواجهة بين عبقريا مغامرا، وذكيا حذرا خانه ذكاؤه ؟!

كان "جوزيه" كعادته مغامرا في اللحظات العصيبة التي لا تحتاج إلا للثقة والجرأة والمغامرة، فأدرك أن فريقه يمتلك أرض الزمالك الفنية تماما ولكنه لا يمتلك "حظه"، فأراد بتغييراته أن يسيطر علي نصف ملعب "الزمالك" ويقبض عليه بيد من حديد، وكان له ما أراد بتغيير الداهية غير الموفق "فلافيو" ونزول المخلص "أسامة" الذي يجيد الطيران لالتقاط الكرات العرضية كما "الحمامة"، وأراد أن يبعث بالنشاط في جبهته اليمني بإشراك اللاعب السريع "أحمد صديق" وتكوين جبهة يسري تنطلق منها محطة الإمدادات فأشرك "أحمد شديد" علي أن يغرد "بركات" وينوع من "الحركات" ويزيد من تقدمه في المنطقة الدفاعية الهشة "للزمالك" !.

و كيف ساعد "الحظ" "هنري ميشيل" وكيف خانه ذكاؤه ؟!

في قراءته لفريق "الأهلي" حسب "ميشيل" وظن أن "الأهلي" تقل لياقته في شوط المباراة الثاني لما تحمله لاعبوه من لعب مباريات غاية في القوة في غضون عشرة أيام فقط حفلت فيها مبارياته بالصراع والقوة، ولكنه خانه ذكاؤه في قياس القدرة البدنية للاعبي الأهلي، هذا لأنه قام بحساب ذلك في فترة ما قبل قرار "جوزيه" التاريخي بإراحة كل النجوم في مباريات محلية خدع بها منافساه وترك لهم 3 نقاط وكثير من الأفراح والحفلات والتهليل ظلوا يخدعون بها أنفسهم، وظل هو يحتفظ بقوته وقدرته البدنية في وقت كان يعلم أن المواجهة مع منافسيه آتية لا محالة، وجاء هذا الوقت لينخدع "هنري ميشيل" في دراسة القدرة البدنية التي فوجئ بها لدي لاعبي "الأهلي" والتي ظهرت علي أرض الواقع، وكانت متوقعة لأن ما بعد الراحة تبدأ القدرة البدنية في تزايد مع ضغط المباريات، علي عكس تأثير هذا الضغط علي عضلات مجهدة !.

وهنا كان عدم الدفع بورقته الرابحة "شيكابالا" هو الخطأ الذي لا يُغتفر "لميشيل" في قراءته للمباراة، وكيف أراح هذا القرار لاعبي الأهلي وجعلهم يمتلكون ويتجولون في منطقة المناورات دون أن يعترضهم أحد أو يسألهم عما يفعلون !.

ولكن هنا وقف "الحظ" بجانب "ميشيل" عندما لم يسجل "الأهلي" أي أهداف مع توالي الإعصار والطاحونة الحمراء التي غزت الأراضي البيضاء وتملكتها تماما، وتخيل معي عزيزي القارئ أن "الأهلي" قد أحرز هدفا مبكرا في تلك الأثناء كم هدفا كان سيحققه طوفان "الكوماندوز" الأهلاوي في مواجهة دفاع "زملكاوي" قُذف في قلوبهم الرعب وارتعدت أرجلهم وفرائصهم من مواجهة الكوماندوز "الصعب"، وكيف لشيكابالا أن يصيبه الإجهاد وهو في أوائل العشرينات ولا يستطع أن يكمل المباريات حتى النهايات ؟! .

أسئلة عديدة مطروحة أمام الجماهير تكشف بوضوح أن هناك مغامرا عبقريا تفوق علي "ذكيا" حذرا في التشكيل وفي تغييرات مثمرة أتت ثمارها بعد أن حالفها التوفيق المنتظر، في مواجهة فكر خاطئ وتغييرات اضطرارية نتيجة أحمال عالية بدنية، لتبعث قمة الكأس التاريخية برسالة مفادها أن هناك عبقري في التدريب يدرب في مصر، "عبقري يمنح دروسه بالمجان، ويرد علي الحاقدين في كل الأحيان" .

**********

روح تواجدت هذا المساء، وسر البطولات الحمراء

ما أجمل الفرحة حينما تولد من رحم المعاناة، وما أروع التفوق عندما يأتي علي أضواء الشموع، وما أحلي الأمل عندما يتحقق عبر ثقب الباب الضيق، ويا لبريق روح ترفرف في السماء، تقول كتب التاريخ انها متفردة حمراء !.

لم تكن المباراة الدرامية وأحداثها إلا شرح وافي متكامل عمن يقصده الأهلاوية بروح الفانلة الحمراء، وما كان شريط مباراة أمس التاريخية إلا حلقة من حلقات عديدة تأججت فيها روح القميص الأحمر لتعلن عن نفسها، وتؤكد أنها سر خفي ظاهر في ملحمة انتصارات فريق لا يعرف إلا التفاني علي أرض إستاد يحققون عليه الكثير من الأمجاد، ولم تكن الروح التي ظهرت أمس إلا زيارة جديدة لروح مميزة لأجيال وأجيال من فريق يعزف علي ألحان الانتصارات التاريخية، إنها روحا يستلهمها فريق يعشق لغة الفوز ويجيد استحضارها لتعينه في أدق الأوقات وأصعبها، لقد تطايرت هذه الروح هذا المساء واكتسي اللون الأحمر في السماء، وارتجت المدرجات في قلب "إستاد القاهرة" وأكدت صيحات جماهير الأهلي النادر وجود مثلها :

"أن هذه الروح أحد أسرارنا وإلهامنا .ساكنة في جسد فريقنا وحبيبنا"

**********

ما رأيكم الآن .في ساحر هذا الزمان ؟!

عندما اتخذ الساحر "جوزيه" قراره التاريخي بإراحة لاعبي الأهلي ونجومه قبلي مباراتي "الزمالك" و "الإسماعيلي" في نهاية الدوري العام، اتهمته الكثير من الأقلام التي لا تجيد إلا تسفيه النجاح في الكلام، وهي علي أعقابها تخسر الرهان ثم علي أفعالها تُلام، لم يكن للكثيرين رؤية ثاقبة كتلك التي ينظر بها "جوزيه"، ولكنهم كانوا يرتدوا علي أعينهم "مناظير" خادعة تشوش الرؤية وتخدعهم بها، ولما أردنا نصيحتهم وتصحيح رؤيتهم واستبدال منظارهم، لاستكشاف واقعا حقيقيا دون تزييف، اتهمنا البعض بأننا لا نريد لهم نجاح وأن الأهلي كان بكل نجومه ولا فرق بين أساسي وبديل، إلا في قلب إنسان عليل !.

وهنا لم يكن أمامنا إلا انتظار عقارب الساعة كل مساء، والنظر إلي القمر في السماء مبتهلين أن يحالفنا التوفيق في اليوم المراد ويظهر للعيان أن الأهلي قمر النجوم وزعيمها وفارسها المنشود، ولما أشارت عقارب الساعة إلي يوم الميعاد، وأطلق الحكم الأسباني صفارته، أطلق المشجع الزملكاوي صرخته، وأعلن عن نقصان فريقه بغياب "أبو العلا"، ويا لعجب العجاب ويا لصرخة الأحباب لقد جعلوا غيابه أحد الأسباب، وأدركوا الآن إننا كنا علي حق، وأن لاعبا واحدا قد يؤثر علي فريق ويجعله لا يجيد السباحة كما الغريق !.

ما رأيكم الآن يا سادة أكنا نخدعكم أن نرشدكم إلي طريق الصواب، وما رأي نقاد الشاشات والمجلات الذين ادعوا أن "جوزيه" هرب من أصعب المواجهات، والله إن الرياضة والكرة لا تستحق أن نحارب بأقلامنا من أجلها، وأن نحقن قلوبنا بكل هذا الغل بسببها، إنها لعبة للمتعة وتهذيب النفوس، ومن ثم يأتي نيل الكئوس !.

أفيقوا يا سادة، واجعلوا الحب بيننا أجمل عادة، فما خداع الذات إلا مولد للصدمات، وما الصدمات إلا محطمة للقلوب وملهبة للمشاعر ومكسّرة للوجدان، لقد كانت رؤية جوزيه ثاقبة وبعيدة عن مجرد النظر في رؤية أسفل الأرجل معتمة البصيرة والبصر، وها أنتم وأنتم تشاهدون الأهلي يفوز علي الإسماعيلي ومن بعده الزمالك بعد أن أعد العدة للمواجهتين وتركهما يفرحا بفوزين غير مؤثرين، مثبتا بالأدلة والبراهين أن رؤيته أفضل بصريا ونفسيا لما شاهدناه من توتر نفسي للاعبي الزمالك بعد كل هدف أحرزوه وعادوا منكمشين غير مصدقين أنهم علي مقرب من انتصار كان سيكون خادعا لهم لو حققوه، وكان سيكون مسكنا لهم لو نالوه !

نحن إذ نعتب علي نقاد أمسكوا بأقلام ملونة، وجماهير أرادت أن تخدع ذاتها للحظات، إلا أننا نهنئ فريق الزمالك ومشجعيه علي روحهم القتالية، ولعبهم بكفاح أظهروا فيه كل قدراتهم ولعبوا بكل ما يملكون من طاقات في مواجهة من أعتى المواجهات، وهكذا تكون الهزيمة بشرف، وهكذا يكون الاعتراف بحق بفارق القدرات عسي أن يواصلوا بناء فريق يضم مهاجمين علي طراز فريد بالفعل، وينقصه الترميم في دفاعه المتهالك وبقي أن نعيد إلقاء السؤال علي أسماع نقاد الأقلام الملونة والمانشيتات الساخنة :

ما رأيكم في قرار الساحر الفنان .وهل ستسمعوننا صوتكم بعد الآن ؟!

***********

في الشبكــة :

" بعد أن شاهدنا ونحن في مدرجات إستاد القاهرة فرحة جماهير الزمالك بخسارة مشرفة أمام الأهلي، أدركت أن هذه الجماهير بدأت تعرف أنها كانت تواجه فريق الأهلي الحقيقي" .

"لولا أن مرمي الأهلي كان خاليا أمس من حارسه والزمالك نزل أرض الملعب دون مدربه لتغيرت النتيجة تغيرت تماما" .

"أحيانا يصبح الكلام المكرر غير ذات معني، ولذلك يبقي الكلام لا محل له إعرابيا عندما نريد أن نتحدث عن عظمة وتفاني وحب جماهير الأهلي" .

"الاستقرار المنشود في الزمالك يبدأ بإحراز بطولة، ولذلك أطالب إدارة الزمالك بعدم الابتعاد عن البطولة العربية " .

"ظل التاريخ أمس محتار أيهما يسجل ويختار، تعديل سطر استحالة فوز فريق متأخر بهدف أكثر من مرة في الدربي القاهري، أم تفاخره بمشاهدة هذه المباراة التاريخية المثيرة وحكايتها لها للأجيال القادمة" .

"عندما تكون لاعبا مخلصا قلبك عامرا بالإيمان، وتكون علي مقرب من هجوم عنيف عليك، وربما الغرق في بحر مظلم بلا قرار، فقط انتظر الفرج من عند الله وقد كان خير معين للحارس الأمير والفتي الخلوق أسامة لأنه رب القلوب ويعرف كم هي سليمة وكيف كادت أن تكون نهايتها أليمة" .

"عندما شاهدناه يربط علي كتف الحارس الأمير ويقول له كلمات كان لها في نفسه أبلغ تأثير، عرفنا لماذا هو ناجح داخل وخارج المستطيل الأخضر، ولماذا أحبه كل من ينتمي للكيان الأحمر" .

"كانت روحه ترفرف معنا شعر بها كل من جلس في المدرجات، وفجأة أتي ليلهم صديقه الحبيب تريكة وطالبه بالكأس بأي طريقة فمنحه إياها ومنحناك نحن جماهير الأهلي قبلة حانية مع دعاء لك يا عبد الوهاب يا من لن ننسي ذكراك أن يجمعنا الله وإياك في جنته مع كل الأحباب " .

"ما أجمل أن تأتينا رسالة من الله عبر مباراة في كرة القدم رسالة مفادها انه حليف كل مجتهد، وأنه ما علي الفرد إلا أن يبذل الجهد وأن يقبل علي الله بقلب سليم وأن يبتعد عن الغرور والله كفيل بأن يهب إليه السعادة والتوفيق ويجعله دائما مسرور" .

**********

3/4 كلمـة :

"أحيانا تأخذ قرارا صعبا بعد دراسة تحكمها رؤية بعيدة النظر، وأنت تعيش في مجتمع نقدي بلا رؤية من الأساس، فقط أدعو الله أن يكون حصد القرار قريب المدى حتى يخجل مهاجميك وحاقديك ويكون له أكبر صدي" .

تعليقات