خلاصة الكلام(2): الأهلي خسر الرقم القياسي و فاز بالكثير .. مقارنة بسيطة بين الجماهير .. ماذا لو؟!

السبت 26 مايو 2007, 00:15 كتب : عبدالرحمن مجدي

نعم أصبح الوسط الرياضي مستفزاً للغاية، و بمجرد أن يخسر الأهلي مباراة، أو يسافر جوزيه لأي سبب كان، أو يتحدث أحد عن الإرهاق تجد الجهابزة و العباقرة يطالعوك بآرائهم الفضائية، و تجد ألف سبب و سبب ليصبح جوزيه "محدش قادر عليه" و تصبح فرحة الجماهير بالفوز بالدرع "باظت"، و يصبح...   الصف الثاني للأهلي "تعبان"، و يصبح الأهلي بدون أبوتريكة "ضايع"، و يصبح بركات "خاين و معندوش ضمير"، و يتحول الأهلي لنادي مظلم، و تصبح الحياة سوداء!

قرار إراحة اللاعبين، هو أمر لا أريد الحديث عنه ثانية بكل صدق، لكن كما ذكرت فالأمر مستفز .. ففي يوم ما قبل مباراة الأهلي و الزمالك أثناء مشاهدتي لبرنامج الرياضة اليوم على دريم كان الأستاذ ياسر أيوب صحفي جريدة الأهرام هو الضيف، و قال "اللي يهمش (ينكر أهمية) مباراة الأهلي و الزمالك يبقى مبيفهمش في الكورة"، متحدثاُ عن استراتيجية الأهلي في إراحة اللاعبين قبل مباراة الزمالك، و أن قرار مانويل جوزيه بتجاهل نتيجة تلك المباراتين هو قرار خاطئ تماماً.

لكن دعنا سريعاً نتجه للدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم و الذي تتشابه في الأمور كثيراً مع الدوري المصري في بعض النقاط، فمانشستر يونايتد حسم الدوري قبل مواجهته مع تشيلسي، ثم جاءت مباراة مانشستر و تشيلسي لنجد كل نجوم مانشستر خارج الملعب، منهم من في دكة البدلاء و منهم من يشاهد المباراة من المدرجات، بل و وجدنا الناشئين في صفوف الفريقين، و شارك مع مانشستر لاعب صيني لم يشارك مع الفريق منذ التعاقد معه منذ ثلاث سنوات، و كذلك في تشيلسي غاب دروجبا و لامبارد و غيرهم و انتهت المباراة 0-0.

و لا أعلم بصراحة إذا كان مسئولي مانشستر و تشيلسي بقرار إراحتهم للاعبين "مبيفهموش في الكورة هما كمان" أم ماذا، بل أنهم أراحوا اللاعبين لأن لديهم مباراة أخرى متبقية في نهائي كأس انجلترا و بعدها سينال اللاعبون الراحة المعتادة و التي تزيد عن الشهر، نعم أراحوهم لمباراة واحدة، بينما الأهلي لديه مباريات الكأس من دور الـ8 ثم الـ4 في حالة التأهل ثم النهائي في حالة التأهل بمشيئة الله، و ليس هذا كل شيء، فنحن لسنا مثل الـ"بني آدمين" العاديين ننال راحة في نهاية الموسم، لكن جزاء من تأهل لدور الـ8 الأفريقي أن لا ينال راحة على الإطلاق، فتبدأ مباريات الموسم الأفريقي الجديد قبل أن ينتهي كأس مصر القديم، ليصبح الاختيار الوحيد أمامك أن تخرج من كأس مصر لتريح لاعبيك و إلا سيبدأ موسمك الجديد قبل نهاية القديم، و من هنا خرجت كلمة تلاحم المواسم و هي ليست كلمة اخترعها جوزيه كما يدعي البعض، و وقتها ستجد أيضاً من يهاجمك و يتهمك بالهروب من كأس مصر كما اتهموك بالهروب من مباراتين بلا معنى أصلاً.

تهميش مباراة الزمالك في مثل هذا الموسم لم يكن أبداً عدم فهم في الكرة، بل هو قمة الفهم الكروي، و التهميش الذي حدث هنا هو تهميش لكل من لا يفهم في الكرة، و تهميش لمانشيتات الجرائد التي جهزت الساطور قبل المباراة، و تهميش لكل الإعلاميين الذين سيصنعوا منها موضوعاً، لأن مسئولي الأهلي كانوا على علم تام من كل هذا و مع ذلك أصروا على قرارهم، و قرار سفر جوزيه هو قرار داخلي داخل النادي، أما الحديث عن كونه هروباً فهو أمر لا يستحق التعليق أصلاً من شدة تفاهته.

لن أقول أن خسارة الأهلي أمام الزمالك و الإسماعيلي بهؤلاء اللاعبين أمر عادي و كان متوقعاً لأني بصراحة توقعت الفوز على الزمالك و التعادل مع الإسماعيلي، و مستوى اللاعبين الذين شاركوا بدلاً ممن ذهبوا في الراحة خيب آمالي بعض الشيء، فليست هناك علاقة بكونك تلعب بالبدلاء و كونك لا تمر تمريرة صحيحة، أو أن تلعب بهذا البطء، و هو أمر أعيب عليه خطي الوسط و الهجوم فقط و ليس الدفاع أو حارس المرمى لأنهما ظهرا بمستوى أكثر من متميز.

مباراة الزمالك ليس لديها الكثير لتتحدث عنه، فالزمالك كان الأفضل و هدد مرمى الأهلي أكثر بينما لعب الأهلي آخر 20 دقيقة بشكل جيد و كاد أن يسجل لكنه لم يستحق الفوز أو حتى التعادل، و أرفض من يقول "لو كانت كرة أحمد صديق دخلت ..." لأن الطرف الآخر سيقول "لو كان عمرو زكي بدل عبدالحليم ..." خاصة أن عبدالحليم على أضاع أكثر من فرصة يستحق العقاب عليهم.

أما مباراة الإسماعيلي، فشعرت أن الأهلي يواجه الترجي التونسي في تونس، الجماهير تكن كراهية شديدة للأهلي و تهمها المباراة بشكل خارق للطبيعة رغم أن الزمالك تقدم على المصري منذ البداية و أوضح أنه حافظ على المركز الثاني، و حماس جماهير الإسماعيلية هو حق مستحق لهم، أما أن يصل هذا الحماس لتوجيه السباب للأهلي بدون أي سبب و بحالة وصفتها بالـ"مرضية" و وصفتها أيضا بالـ"عبط" .. فلا يوجد أي مبرر لأن يبدأ جمهور الإسماعيلي في توجيه السباب للأهلي بعد عشر دقائق من الشوط الثاني، بدون أي احتكاك بين اللاعبين، أو أي هدف للفريقين، أو أي شيء، بل هو سباب لمجرد السباب!

مباراة الإسماعيلي هي مباراة العمر لمحمد سمير ليبرو فريق الشباب، تحية من القلب لهذا اللاعب الذي أثبت أنه لاعب على مستوى رائع بالفعل، ظهر بكل ثبات و لعب في مركز حساس للغاية و بالرغم من ذلك أدى بشكل أقل ما يوصف بأنه رائع، أما أمير عبدالحميد فأرفض أن أقول أنه مكسب من مباراة الإسماعيلي لأنه حارس رائع و كلنا نعلم ذلك منذ زمن، و المستوى الذي قدمه أمير يزيد من الإثباتات و البراهين على أن الأهلي يمتلك حارسين ممتازين، و أن يكف الأهلي عن البحث عن حارس مرمى لأنه بالفعل يمتلك حارس رائع يجلس على دكة البدلاء لأشهر و يعود بنفس مستواه و بدون اهتزاز .. تحية أخرى من القلب لأمير عبدالحميد الرائع و أتمنى أن يكمل أمير مباريات الكأس لأنه بالفعل يستحق أن يلعب في مباريات مهمة كأقل ترضية له على بقاءه على الدكة بدون اعتراض و بدون كلام، و هو يستحق لقب "أيوب الكرة المصرية" فعلاً.

لكن دعوني أوضح نقطة، بعد مباراة الزمالك خرج علينا عدد من المنتمين للزمالك سواء لاعبين أو نقاد أو جماهير تعود بجملة "لو كان الأهلي Full team كنا هنكسب برضه لأننا كنا عايزين نكسب المرة دي"، و هنا لي توقف، فكلمة Full team للأهلي تعني الحضري في حراسة المرمى، النحاس و أحمد السيد و وائل جمعة، إسلام الشاطر و أحمد شديد أو السعيد، و بوجلبان و شوقي و أبوتريكة و عماد متعب و فلافيو، مع بقاء لاعب رائع مثل بركات على الدكة مثلاً، لكن في الحقيقة في رأيي الشخصي أن أبوتريكة أو بركات و فلافيو و متعب، و ربما معهم محمد شوقي، كانوا كفيلين تماماً بإنهاء المباراتين لصالح الأهلي، و هو رأي شخصي فقط، خاصة مباراة الزمالك التي لو كان الأهلي بادل فيها الزمالك الهجمات لكان الأمر سهلاً صدقوني .. و مباراة الإسماعيلي الفرص التي أضاعها الأهلي في الشوط الأول أقل إثبات على أن الأهلي لو كان كامل العدد لكان فاز "مرتاح من غير مشاكل"، و لا أفهم كلمة "كنا نازلين نكسب المرة دي"، و هل لعب الزمالك المباريات السابقة للخسارة مثلاً .. و بالطبع سيخرج الكثيرون ليقولون أنها حجج فارغة، لكنها للأسف حقيقة و ليست حجج فارغة.

بهذا الكلام لست أقلل من فوز الزمالك على الأهلي، فالأهلي هو الذي اختار اللعب بهذه التشكيلة، و بغض النظر عن أن السبب مقنع كل الإقناع بالنسبة لنا و لكل من يفهم في الكرة، إلا أنه في النهاية قرار إرادي من الأهلي و لم يأتي بسبب الإصابات مثلاً، و هو بالنسبة لهم إنجاز تاريخي يتحقق لأول مرة منذ ثلاث سنوات، و قد يكون حجم هذا الإنجاز بالنسبة للزمالك هو نفس حجم إنجاز الأهلي عندما فاز ببطولة أفريقيا مثلاً، و لست أقول ذلك من فراغ، بل أن السعادة الغامرة و الدموع التي فرت من أعين جمهور الزمالك هي التي تقول ذلك، و يكفي أن تستمع لمكالمات جمهور الزمالك في أي برنامج تليفزيوني أو إذاعي في حضور اللاعبين، و أقسم بالله أنهم ذكروني بمشهد لاعبي منتخب مصر عقب الفوز بكأس الأمم الأفريقية و سعادة الناس باللاعبين، أو فوز الأهلي بالمركز الثالث في كأس العالم و سعادة الناس بذلك، و قال جمال حمزة تعبير معبر للغاية "مش معقولة نرجع الناس زعلانة كل مرة بقى"، و طارق السيد قال "احنا لاعبنا النادي الأهلي، ملناش دعوة مين اللي لعب" و أنا أوافقه تماما في هذا الرأي لأنهم كلاعبين لهم أن يهزموا الخصم فقط،ً لذلك فهو إنجاز .. مبروك للزمالك إنجازه التاريخي بالفوز على الأهلي.

إذا دعونا نسرد ماذا خسر الأهلي من هاتين المبارتين:

- الخسارة القوية هي كونها أول هزيمة للأهلي خارج أرضه منذ ثلاث مواسم، و بالتحديد منذ مباراة الاتحاد السكندري في الأسبوع السادس من موسم 2003 – 2004 و هي إحصاءات مدني بها موسوعة الموقع الأستاذ محمد مصطفى، و منذ هذا التاريخ لم يخسر الأهلي أي مباراة خارج أرضه و بالنسبة للكثيرين هو أمر غير هام.
- الخسارة الثانية قد تكون إنهاء الدوري بفارق خمس نقاط فقط بدلاً من 11 نقطة على الأقل.

نعم، خسائر الأهلي كلها في الأرقام القياسية و ما إلى ذلك، لكن ماذا عن المكاسب:

- إراحة اللاعبين للمرة الأولى منذ ثلاثة أعوام، و هي راحة لاتزال غير كافية على الإطلاق لكن على الأقل ستساعد الفترة المقبلة.
- منح أمير عبدالحميد الفرصة في اللعب و هي فرصة استغلها أفضل استغلال.
- ظهور محمد سمير ليبرو فريق الشباب بمستوى أكثر من رائع ليعلم الجهاز الفني أن لديه لاعب شاب قد يسد أي خانة في المواقف الصعبة.
- ظهور باقي الناشئين مثل عبداللاه و محمد محمود نانو على الرغم من أننا نعلمهم جيداً من قبل.
- ظهور جمهور الأهلي بهذا الشكل الذي لم نره من قبل في مباراتي الزمالك و الإسماعيلي عندما بقوا في المدرجات يشجعون الفريق حتى بعد الخسارة.

و هي مكاسب أراها أهم بكثير من ما خسره الأهلي الذي يعتبر لا شيء إذا نظرنا نظرة احترافية، لكن بمناسبة الجماهير فقد قرأت مقالاً على موقع ينتمي للزمالك يوصف تشجيع الأهلي لفريقه بعد مباراة الزمالك بأنها "حالة اللاوعي التي انتابت جمهور الأهلي" و مقالاً آخر في الموقع نفسه يقول "الصحافة تحدثت عن تشجيع جمهور الأهلي لفريقه و كأنه اخترع البيضة" و يقول أن جمهور الزمالك فعل ذلك منذ عامين مع فريق السلة عندما خسر من الأهلي و شجعه بعد المباراة ، و بكل صراحة ضحكت بشدة عندما قرأت ذلك و دعني عزيزي الكاتب أذكرك بأمرين قريبين نتذكرهم جميعاً، يوم خسارة الزمالك من الفيصلي الأردني، و يوم خسارة الزمالك من الهلال السوداني، هل شجعتوا فريقكم بعد الهزيمة أم أنكن وجهتوا أقذر أنواع السباب لهم و لأمهاتهم و أهلهم ؟ قد يكون الرد أننا نشجع الفريق عندما يخسر بعد أداء جيد، لكن جمهور الأهلي يشجع فريقه في كل وقت و حين حتى إذا كان الأداء سيئاً، فأعجبتني كلمة الأستاذ خالد شاكر رئيس رابطة مشجعي الأهلي لبرنامج الأهلي في مئة عام عندما قال :"الأهلي لما بيخسر بتبقى دي اللمبة اللي بتنور و تخلينا نشجعه أكتر" متحدثاً عن مساندة الجمهور لفريقه وقت المحن، و هو الأمر الذي لا يعرفه جمهور الزمالك و وضح ذلك و تجلى في مباراتي الفيصلي و الهلال، و لربما يتعلم جمهور الزمالك من جمهور الأهلي.

قبل أن أنهي المقال أحب أن أوضح أن بركات لم يتهرب من المباراة، و على من يصف غياب بركات بالتهرب، فالأولى أن نصف فلافيو بالمتهرب أيضاً خاصة أنه طلب مد راحته بالهاتف من أنجولا، و كل ما حدث أن الكابتن حسام البدري تلقى مكالمة من مانويل جوزيه قبل مباراة الأوليمبي يبلغه بإراحة بركات عن مباراتي الزمالك و الإسماعيلي خاصة أنه قضى وقت طويل في ألمانيا و عاد على تدريبات علاجية، و يحق له أن يقضي وقت مع أسرته خاصة أن الموسم الجديد بالنسبة له سيبدأ مع بداية كأس مصر، و سيحتاج الأهلي لمجهوداته الفترة المقبلة، فأبلغ أنه من الأفضل أن "يغير جو" و بالفعل توجه بركات لشرم الشيخ و منها شاهد مباراتي الزمالك و الإسماعيلي و لم يتهرب، و ليس بركات اللاعب الذي يتهرب من مباراة مهما كان حجمها من معرفتي الشخصية به.

آخر نقطة، يؤسفني كل الأسف أن يخرج هذا التصرف من لاعب كبير مثل سيد معوض، و هو لاعب "المفروض" أنه خلوق و محترم و مهذب، و زوج ابنة الكابتن رمضان السيد، و لا يوجد أي سبب لهذه النرفزة، فلم يكن الإسماعيلي متأخراً بهدف مثلاً .. و يكفي يا سيد أنك سيتم إيقافك مباراتين، لكن صحح لي زميل خطئي عندما أكد أنه و في حال فوز الإسماعيلي على المصري سيواجه حرس الحدود و في حالة فوزه عليه و الأهلي على الجيش في كأس مصر سيشارك سيد في لقاء الإسماعيلي و الأهلي في قبل نهائي كأس مصر.

تعليقات