البداية البطيئـة تصنــع البطولات و هايلاندرز هو البداية لكنه ليس الانطلاقة !

الاثنين 19 مارس 2007, 19:14 كتب :

فقد كتبت صحافة زيمبابوي " لنا الشرف " باستضافة بطل أفريقيا لعامين متتاليين وصاحب أفضل إنجاز بتاريخ القارة السمراء في المحافل العالمية بعد صولاته وجولاته بكأس العالم لليابان ، لم تكذب الصحافة الزيمبابوية إطلاقاً فهذا ما برهنته الحشود الجماهيرية الكبيرة بملعب الفريق الزيمبابوي المغمور ، كانت مفاجأة أن يتعادل...   الأهلي هناك ، لكنها لم تكن غريبة فالأهلي مُعتاد علي التعادل بأي مكان أفريقي والسبب معروف ومحفوظ عن ظهر قلب ألا وهو سوء الحالة الجوية وأرضية الملاعب العشبية التي لا تساعد علي إجراء عملية إحماء وتدريبات خفيفة وليس إجراء مباراة دولية ببطولة قارية ، لهذا لا يفوز الأهلي إلا كل فين وفين ، ففي الموسم الماضي تعادل بكل مبارياته خارج القاهرة وخسر بالافتتاح أمام الصفاقسي بتونس وخسر بالدور قبل النهائي من أسيك 2-1 ، لكنه حقق فوز بمائة مباراة عندما رفع الكأس بتونس بهدف أبو تريكة الصاروخي .! .

حان موعد مباراة العودة بالقاهرة مع هايلاندرز و بدأ جوزيه اللقاء بداية هجوميـة بحته منذ الدقائق الأولي ، بالدفع بأسامة حسني العائد من الإصابة بجوار عماد متعب وتحتهم أمادو فلافيو كمهاجم ثالث بأدوار صانع الألعاب وبالوسط حسام عاشور وأنيس بوجلبان وطارق السعيد وإسلام الشاطر وحسن مصطفي و الثلاثي الدفاعي أحمد السيد وعماد النحاس وشادي محمد ، منذ الوهلة الأولي أنكمش الفريق الزائر وتراجعت صفوفه للخلف خوفاً من انقضاض مهاجمو الأهلي عليه بالبداية لإنهاء اللقاء " بدري بدري " و بالفعل استدرجوا لاعبي الأهلي كثيراً لإهدار الوقت ولعبوا بخطة دفاع المنطقة من الدقيقة الأولي لكن هذا الانكماش المبرر غاب عنه التنظيم المطلق فكاد أسامة حسني أن يحرز ثلاثة أهداف لولا الحارس والعارضة وأنفرد عماد متعب أكثر من مرة لكن دون جدوى ، ويتضح أن حالة عدم التركيز التي أصيب بها مهاجمو الأهلي بسبب التكتلات الدفاعية الزائدة عن الحد ، فكلما تسلم الكرة أسامة حسني أو عماد متعب يعتقدا أن هناك رقابة أو تسلل ، لتضيع الفرص تباعاً !! .

تحركات أسامة حسني وعماد متعب لم تجدي نفعاً بالإضافة لأن وسط الميدان لم يكن يمولهم بالكرات العرضية و الطولية الكافية خاصة ً من جهة طارق السعيد بالشوط الأول ، لهذا كان نجم الشوط الأول بدون منازع إسلام الشاطر بفضل تمريراته العرضية والطولية المتقنة لكل من فلافيو وأسامة حسني ومتعب فقد أستغل خبرته الطويلة بهذا المركز ليضغط علي لاعبي هايلاندرز بالجهة اليسري ويمنعهم من التقدم ، في حين تفوق الظهير الأيمن لفريق في الحد من خطورة طارق السعيد طيلة أحداث الشوط الأول وبباقي الدقائق التي لعبها بالشوط الثاني حتى جاء تغيره بنزول أحمد شديد قناوي بدلاً منه فبدا علي طارق السعيد الإرهاق قليلا ً بسبب القوة البدنية للظهير الأيمن والجناح الأيمن لـهايلاندرز .

و بسبب الانكماش الدفاعي لـهايلاندرز، أمر جوزيه شادي محمد بالتقدم للأمام لدعم منتصف الملعب ولتركيز الهجوم أكثر فالوقت يّمر والخطورة تزداد بمرور هذا الوقت ، لتأتي الدقيقة 28 ليمرر إسلام الشاطر لأسامة حسني الذي مررها علي طبق من فضة لشادي محمد القادم دون رقابة من الخلف ليسدد قذيفة علي يسار الحارس لتعلن عن تقدم الأهلي بهدف ، لكنه ليس كافياً ليؤهل الأهلي وهو مطمئن ، فإذا تعادل هايلاندرز سيصعد علي حساب الأهلي بفارق هدف اعتباري - الهدف بهدفين علي أرض الخصم - كما حدث للزمالك بخروجه علي يد الهلال السوداني بتعادله 2-2 بالقاهرة مما تسبب بخروجه من البطولة مع العلم أنه خسر بالذهاب 2-0 - لهذا تطلب من مهاجمي الأهلي بذل مجهود مضاعف بالشوط الثاني لتأكيد الصعود تلافياً لأي مفاجأة ، خاصة ً أن الفريق الزيمبابوي يعتمد علي الهجمة المرتدة والأهلي قد فتح عمق وسط دفاعه علي مصراعيه باندفاع حسام عاشور لاعب الوسط الدفاعي لمساندة الهجوم ومعه القادم من الدفاع شادي محمد ، لتزداد مهمة عماد النحاس وعصام الحضري صعوبة ، لكن الفريق الزيمبابوي لم يستغل المساحات الكثيرة بالشوط الثاني ، لعدم اندفاع خطوطه للأمام ، فمجرد أن يتسلم المهاجمين اسيبواه و تيارلواه الكرة بمنتصف ملعب الأهلي لا يلقوا أي مساندة سواء من ظهيري الجنب أو الأجنحة لتقتل كل هجمات هايلاندرز قبل ولادتها !! .

لهذا غابت الفاعلية الهجومية للخصم ، وازدادت السيطرة الميدانية للأهلي بالشوط الثاني بقيادة أمادو فلافيو الذي سيطر علي الكرة بمنتصف الملعب ، ما بين تسديدات متقنة و تمريرات حاسمة لعماد متعب وأسامة حسني ، لكن دون استغلال لهداياه حتى جاء فلافيو بنفسه ليحرز هدف الاطمئنان قبل نهاية اللقاء بأقل من عشر دقائق بعد تسلمه كرة أرضية سحرية من حسام عاشور الذي كان سلبياً للغاية بشوط المباراة الأولي بإكثاره التمرير العرضي والقطري والطولي مع تمريرات قصيرة أبطئت من تحضير الأهلي للهجمة بالشوط الأول ، لكن مع نزول محمد بركات العائد من الإصابة ومنح أنيس بوجلبان مهمة تغطية الجهة اليسري ازدادت مهاجم حسام عاشور وسنحت له أكثر من فرصة للتهديف لكن أغلب تسديداته كانت ضعيفة وخارج الثلاث خشبات .

صعد الأهلي لمواجهة صان داونز الجنوب أفريقي الذي منُي بهزيمة ثقيلة من الأهلي بموسم 2001 بنهائي نفس البطولة عندما تعادلا بجنوب أفريقيا 1-1 وبالعودة تفنن خالد بيبو بعزف سيمفونية من ألحانه وتأليفه و أخراجه ليقود الأهلي لإنجاز تاريخي وبطولة غالية أعادت للأهلي الكثير من رونقه المفقود منذ أن حقق أخر مرة هذه البطولة بنهاية الثمانينيات من القرن الماضي بفضل محمود الخطيب وشوقي غريب وغيرهم من النجوم التاريخيون للأهلي بهذه الحقبة الذهبية ، فهل ينتقم صان داونز من الأهلي أم تستمر عقدة الأهلي علي الأندية الجنوب أفريقية ، حيث أنه تغلب علي صان داونز عام 2001 بالنهائي وبكأس السوبر بنفس الموسم تغلب علي كايزر شيفز 4-1 بقيادة سيد عبد الحفيظ وحسام غالي وخالد بيبو . هذا ما سنعرفه بالدور السادس عشر .

خلال قراءتنا للقاء الأهلي بالفريق الزيمبابوي المغمور ، نلاحظ كم كبير من الفرص أهدرها مهاجمو ولاعبو الأهلي ، مع ضعف بالمستوي البدني وتأكيدٍ لهذا أن نجم الشوط الأول المدافع الأيمن " إسلام الشاطر " ونفس اللاعب كان نجم الفريق بمباراة المصري بالدوري المصري قبل أسبوع من الآن ، إن دل علي شيء يدل علي تنافر العناصر الهجومية قليلا ً بسبب غياب صانع ألعاب حقيقي كأبو تريكة ، رغم تألق فلافيو بهذا المركز إلا أنه ليس بقوة وفكر أبو تريكة ، فمهماً كان ، المهاجم مهاجم وصانع الألعاب صانع ألعاب ، كما أن مستوى فلافيو ينخفض عندما يلعب تحت رأسي الحربة فإن أبو تريكة ينخفض مستواه هو الآخر بإرغامه علي اللعب كمهاجم ! .

لهذا دفع جوزيه بمحمد بركات لمنحه الثقة بنفسه بإشراكه بمباراة أفريقية هامة كهذه حتى يستعيد عافيته بقادم اللقاءات بالدوري العام وربما يدفع به من البداية أمام صان داونز ، مع انتظار عودة أبو تريكة الذي قربت مدة انتهاء أصابته .

لا شك أن انطلاقة الأهلي أمام الفريق الزيمبابوي لم تكن مرضية لعشاقه ، لكن كثيراً ما تكون البداية البطيئة سبباً رئيسيا بأن يفوز الفريق بالبطولة ، كما حدث مع إيطاليا بطلة مونديال 2006 بفوزها بشق الأنفس علي غانا 2-0 ولولا طرد صامويل كافور لما خسرت غانا بهذه المباراة ثم التعادل " بطلوع الروح " مع الولايات المتحدة الأمريكية 1-1 لتبدأ العجلة بالدوران بالفوز علي التشيك ثم تخطي أستراليا 1-0 بضربة جزاء بالدقيقة الأخيرة ليبدأ الإبداع الحقيقي بالفوز علي أوكرانيا بثلاثية وبالدور قبل النهائي علي صاحب الأرض والجمهور ألمانيا بنتيجة 2-0 بالوقت الإضافي ،ليرفع الأزوري كأس العالم بذبحه الديك الفرنسي بضربات الجزاء .

هكذا فازت إيطاليا بأكبر بطولة بالعالم ، بالبداية البطيئة ثم الارتفاع بمعدل الأداء والثقة من مباراة لآخري حتى وصلت أيديهم لكأس البطولة ، لا شك أن الأهلي المصري وعدة أندية كبري استخدمت هذا الأسلوب بل كل الأبطال يبدءون هكذا ، ولنا في الأهلي نفسه عبرة بموسم 2005-2006 عندما خسر أول مباراة له بمجموعته أمام الصفاقسي التونسي بأداء باهت للغاية ثم اعتدلت فيما بعد نتائج الفريق ومن ثم الأداء ليفوز الفريق علي الصفاقسي بتونس بهدف الصاروخي محمد أبو تريكة بأخر دقيقة ، كما فعل مانشيستر يونايتد بموسم 1999 بفوزه بالثلاثية الرهيبة كأس ودوري إنجليزي ودوري أبطال أوروبا ، وبأغلب مبارياته الحاسمة يتأخر ثم يتعادل ويفوز حتى أخر مبارياته ببطولة دوري أبطال أوروبا عندما تعادل بملعبه سلبياً مع اليوفينتوس الإيطالي وأعتقد كل الأوروبيين أن مانشيستر سيخسر بملعب اليوفينتوس لكن حدث العكس وعاد الشياطين الحمر مرفوعي الرأس بفوزهم 2-3 ، وبالمباراة النهائية أمام بايرن ميونخ تأخروا 1-0 حتى الدقيقة 90 وبحكمة ودهاء المدرب الاسكتلندي فيرجسون و إصرار نجوم مانشيستر علي رفع الكأس عادلوا النتيجة بالدقيقة 91 ثم أحرزوا هدف الفوز بالدقيقة 92 .. ليضربوا مثل يحتذي به بكل مكان .

لهذا أعيد و أكرر البداية البطيئة غالباً أو ربما دائماً تصنع البطولات ، و هايلاندرز هو البداية لكنه ليس الانطلاقة الحقيقية ، فالانطلاقة ستكون في دور الـ16 أمام صان داونز .

تعليقات