|| توووب علينا يااارب .... إعلام علي ما تفرج ((( 4 ))) ||

الاثنين 05 يونيو 2006, 00:33 كتب : محمد مصطفي

تلقيت بصفتي رئيساً للجنة الإعلامية لرابطة مشجعي الأهلي دعوة من الأستاذ علاء وحيد مقدم برنامج " بروح رياضية " بقناة المحور الفضائية ، و الذي أراد أن يفتح هذا الملف الشائك ، لبحث الداء و الدواء ، و ذهبت بشغف لأستمع إلي الأستاذ جمال هيلتون رئيس رابطة مشجعي الإسماعيلي...   و الأستاذ مجدي مجاهد رئيس رابطة محبي الدراويش ، فككل أهلاوي كان من المفيد جداً أن أعرف و عن قرب كيف يفكر أبناء المدينة الباسلة ، كيف وصل الحال إلي أن تصبح مباريات الأهلي و الإسماعيلي إلي معارك جماهيرية ؟ ، ما هي وجهة نظرهم فيما يجري هناك ؟ ، ما هي وجهة نظر الكابتن فتحي مبروك لاعب النادي الأهلي الدولي القديم و المدير الفني الحالي ، و نجم الإسماعيلية و لاعبها الدولي القديم و المدير الفني الأسبق للنادي الإسماعيلي الكابتن أسامة خليل .

و بصدق أري من وجهة نظري أننا لم نصل من الحوارات لأسباب حقيقية لما يجري في الإسماعيلية ، فالكابتن فتحي مبروك تحدث عن بعد واحد و هو تصريحات المدربين و التي تجعل المشجع في حالة استنفار تجاه الفريق المنافس لفريقه ، أما الكابتن أسامة خليل تحدث عن أن ما يجري له ارتباط بشخصية أبناء مدن القناة كخط أول للدفاع عن مصر كخط مواجهة أول و نظرتهم للنادي الأهلي علي أنه ممثل للعاصمة و مسيطر علي البطولات و أنه من حقهم أن يكون لهم نصيب منها و رفض ما لا يحقق طموحاتهم فيها ، فتولدت لديهم رفض للسلطة و الأهلي هو ممثلها ، و أنه يجب أن يتواجد المسئول الذي يقول لا للنادي الأهلي ، مع اعترافه بأن النادي الأهلي أنجح نادي في التعامل مع القوانين و اللوائح و له كوادره الإعلامية و الإدارية التي تؤهله للتفوق ، و استنكاره لعدم وجود مثيل لهذا في النادي الإسماعيلي ، أما الأستاذ جمال هيلتون فركز علي الإعلام و أنه يزيد من تعصب الجماهير و تحدث عن واقعة المذيع تامر أمين و الذي وصف ببرنامج البيت بيتك ما جري بعد مباراة النادي الأهلي و النادي الإسماعيلي من جماهير الإسماعيلية بالهمجية كما قال ، و أن الإعلام لا يعطي النادي الإسماعيلي حقه ، أما الأستاذ مجدي مجاهد فركز علي تفصيل اللوائح و القوانين لمصلحة نادي معين تسببت في تفوقه .

و كما قلت فلم نصل لأسباب حقيقية منطقية لما يجري في مباريات الأهلي و الإسماعيلي ، قد يكون كل منهم اقترب من بعض الأسباب ، و لكن أري أنه اقترب من بعيد ، فما قاله الكابتن فتحي مبروك أصاب بعض الحقيقة من ناحية أن تصريحات المدربين تتسبب في استنفار المشجع و تحوله في أحيان كثيرة لمشجع مشاغب ، و الأستاذ جمال هيلتون أعجبني حديثه عن الإعلام خاصة حول الأخ تامر أمين الذي أظن و ليس كل الظن إثم أنه كزملكاوي أراد سكب الزيت علي النار بزيادة الوقيعة بين جماهير الإسماعيلية و النادي الأهلي ، و هذا المذيع تحديداً حول البرنامج من البيت بيت الجمهور إلي البيت بيت تامر أمين ، أما الأستاذ مجدي مجاهد و حديثه عن اللوائح فمن وجهة نظري هذا أمر مردود عليه فاللوائح للجميع و الجميع يتحدث عن لائحتي القيد و الاحتراف ، فزيادة عدد اللاعبين في قوائم الأندية لم تعطي الأهلي بطولات لم تكن بحوزته فقبل إقرارها فاز الأهلي بسبعة بطولات متتالية للدوري الممتاز و قوائم الأندية لا تتعدي 25 لاعباً ، أما لائحة الاحتراف فلم تغير الحال بالنسبة للأهلي ، و كمثال فالنادي الأهلي حصد سبعة بطولات للدوري الممتاز في الفترة من 1981 /1990 فيما حصل نادي الزمالك علي بطولتين و فاز نادي المقاولون العرب بواحدة ، أما في الفترة من 1991 /2000 فلم يتغير الحال إلا بدخول النادي الإسماعيلي بدلاً من نادي المقاولون العرب ، يعني باحتراف أو بدونه فالتفوق للأهلي علي الجميع .

أما حديث الكابتن أسامة خليل فلم يقنعني علي الإطلاق ، فإن كانت مدن القناة تشعر أنها خط الدفاع الأول عن مصر و تنظر للنادي الأهلي علي أنه ممثل للعاصمة و مسيطر علي البطولات و أنه من حقهم أن يكون لهم نصيب منها و رفض ما لا يحقق طموحاتهم فيها ، فتولدت لديهم رفض للسلطة و الأهلي هو ممثلها ، فلا أدري لماذا لا يكون الرفض للسلطة نفسها و ليس للنادي الأهلي ، فلا أجد أي ربط موضوعي بين مدن القناة كخط دفاع عن مصر و كرة القدم ، و الدليل أن أحداث الشغب لم نسمع عنها علي الإطلاق طوال الفترة التي تلت حرب أكتوبر 1973 و حتى عام 1990 إلا نادراً ، فطوال هذه الفترة كانت مباريات النادي الأهلي و النادي الإسماعيلي تنتهي مثل باقي مباريات النادي الأهلي و أي فريق من فرق الأقاليم بمصر ، و إن كان هذا الشعور موجوداً فأين كان طوال هذه الفترة ؟ ، و ما هي نظرة محافظات سيناء و الصعيد للسلطة و رمزها النادي الأهلي من وجهة نظر الكابتن أسامة ، فالصعيد يموج بمشكلات كثيرة و لا يجد أي حلول لمشاكله و رغم هذا لم تتحول المباريات فيه إلي معارك ، أيضاً كان هناك تناقض الشديد في حديثه ، فالكابتن أسامة خليل أشاد بالنادي الأهلي و إدارته و لاعبيه و قال بالنص " الشاطر اللي ينجح " ، و من ناحية أخري يقول " لا يوجد من يقول للأهلي لا " ، و لم أعرف في أي شيء يقول المسئول لا للأهلي ، و ها نحن نجد إتحاد الكرة يرفض طلب الجهاز الفني للنادي الأهلي بتأخير بدء الموسم الكروي الجديد لإعطاء اللاعبين راحة سلبية بدلاً من حرقهم في مباريات و بطولات مختلفة متتالية ، الكابتن أسامة يشيد بالأهلي من ناحية ، و يضع علامات استفهام حول ندرة الكوادر في الإسماعيلية من ناحية أخري ، و يطالب المسئولين من ناحية ثالثة ببحث خصائص المدن و علاقتها بالعاصمة عند وضع اللوائح و القوانين و أيضاً لابد من مراعاة تكافؤ الفرص ، و حقيقة فإن الكابتن أسامة كان حديثه أكاديمياً بعيداً كل البعد عن الواقع العملي و تطبيقاته .

كان حديثي في هذا اللقاء منصباً علي ثلاثة محاور رئيسية ، الأولي و هي التحكيم و قلت باختصار أن الجميع يعاني منه و أعطيت مثالاً لهذا في لقاء النادي الأهلي و النادي الإسماعيلي الشهيرة في موسم 2001 و التي انتهت بالتعادل 4/4 و فاز بسبب هذا التعادل النادي الإسماعيلي ببطولة الدوري ، فلو شاء الله تعالي أن يفوز النادي الأهلي لأصبح فارق النقاط بينه و بين النادي الإسماعيلي ثلاثة نقاط و ما أثر تعادله مع المحلة بعدها في فوزه بالبطولة :

http://www.ahlynews.com/files/articles/emara.wmv

بل إن الهدف الثاني الذي أحرزه عمرو فهيم في نفس المباراة من فاول واضح و صريح ضد محمد فاروق ، فقد أسقطه أرضاً و دفعه بقوة كما في ملف الفيديو :

http://www.ahlynews.com/files/articles/amro.wmv

لم يحدث شغب ، لم تخرج جماهير الأهلي عن الأخلاقيات بل أشاد الجميع بالإسماعيلي و كان الجهاز الفني للأهلي بقيادة مانويل جوزيه أول المهنئين ، فهذه هي الروح الرياضية و الأخلاقيات ، هدف غير صحيح و ضربة جزاء غير صحيحة ذهبت معهم البطولة للإسماعيلي ، أما الانتقالات فقلت أنها رغبة و طموح ، فكما انتقل لاعبو بعض الأندية المغمورة و الأقل شهرة و مالاً إلي النادي الإسماعيلي ، فقد انتقل أيضاً لاعبو الإسماعيلي إلي النادي الأهلي الأكثر شعبية و شهرة و مالاً و تحقيقاً للبطولات من النادي الإسماعيلي ، فهي سنة الحياة و الطموح الطبيعي لأي لاعب ، إذن فلا اللوائح و لا التحكيم سبباً في أن يتحول الجمهور للشغب ، و تحدثت عن ما قيل عن أن النادي الأهلي رفض استضافة النادي الإسماعيلي أثناء التهجير و قمت بتفنيد تاريخي مختصر قائلاً أن العكس هو الذي حدث و أن النادي الأهلي وافق علي استضافة النادي الأهلي بملعبه و كان رد الكابتن أسامة خليل أنها مباراة واحدة ، و لكن حتى لو لم يلعب الإسماعيلي في إستاد التيتش فيكفي موقف النادي الأهلي بموافقته علي طلب الإسماعيلي علي عكس الإشاعة المغرضة التي أفادت برفضه ، و بصراحة فقد استوقفني كثيراً رد الكابتن أسامة خليل ، فالمبدأ هو القبول بغض النظر عن أي شىء ، راجع مقالي السابق :

|| توووب علينا يااارب .... إعلام علي ما تفرج ((( 3 ))) ||

لم نصل في الحلقة إلي أصل الداء حتى نستطيع أن نضع الدواء ، و لكن استوقفتني خلال الأسبوع الماضي ثلاثة مقالات ، ففي مقاله بجريدة الأهرام يوم الجمعة 26 مايو كتب ياسر أيوب :

" إن التوقف عند ما جري في الإسماعيلية قد يكون مناسبا وأكثر ضرورة وأشد الحاحا‏..‏ فكل ما شهدناه في الإسماعيلية من توتر وغضب وانفعال وخروج علي النص والقواعد‏..‏ ليس له إلا معني واحد‏..‏ وهو أن الأهلي تحول إلي مؤسسة يديرها مجلس إدارة أعجبته لعبة أن يتحول الأهلي ـ علي غرار الولايات المتحدة الأمريكية في العالم ـ إلي قوة عظمي وحيدة في مصر‏..‏ يخافها الجميع لكن لا أحد يحبها‏..‏ فأنا لا أفهم الفلسفة ولا الدوافع التي جعلت إدارة الأهلي تطارد كل لاعبي مصر بصرف النظر هل يحتاج إليهم الأهلي أم لا‏..‏ وكأن الغاية أصبحت إفساد وتعطيل الحياة وإرباكها في بقية الأندية‏..‏ ولم يلتفت مسئولو الأهلي في غمار سعادتهم بهذه الانتصارات والانتقالات المتتالية‏..‏ إلي أنهم بذلك يكسبون عداوة وحقد وكراهية كل الآخرين‏..‏ والأهم من ذلك كله أنهم يفسدون مؤسسة الكرة المصرية ويتسببون في التعجيل بانهيارها‏..‏ وهو ما يعني أن الرياضة في بلادنا ليست غائبة فقط عن أروقة الحكومة والسياسة والبرلمان والأحزاب بما فيها الحزب الوطني وأيضا الإخوان المسلمون‏..‏ وإنما هي غائبة أيضا عن أذهان من يفترض أنهم يديرون أنديتها واتحاداتها‏..‏ لأن كل هذه الانتصارات الحمراء المتتالية‏..‏ وكل هؤلاء النجوم الذين جاءوا واحدا وراء الآخر‏..‏ لم تلق في المقابل أي تغيير لا في الفكر ولا في الاستثمار‏..‏ فلم يعد من المقبول أن يحشد الأهلي كل هؤلاء اللاعبين وينفق عليهم كل هذا المال لأنه يريد الفوز بالدوري المصري‏..‏ وكنت أتخيل أو أتمني لو أن في الأهلي إدارة تسويق تسعي لتنظيم مباريات مع أندية أوروبا الكبيرة ليكون هذا هو التحدي الحقيقي‏..‏ والاستعداد الحقيقي للفوز ببطولة أفريقيا ثم المشاركة في بطولة العالم التي ذهبنا إليها مرة كعمالة ولم نعد منها إلا أقزاما اضطرتهم الظروف للعب وسط الكبار‏..‏ وإذا كان الأهلي لا يزال إلي الآن يفتقد إدارة للتسويق الحقيقي‏..‏ فإنه ـ وهذا هو الأهم ـ يفتقد إدارة ثانية للتنسيق الاجتماعي‏..‏ وهي إدارة كان بإمكانها أن توقف موجة عداء وكراهية متصاعدة ومتزايدة ـ ومبررة أيضا ـ للنادي الأهلي العظيم والعريق‏..‏ أما الإدارة الفنية فقد غاب عنها قراءة التاريخ الرياضي المعاصر لتعرف ما هي النهاية الطبيعية والمنطقية لأي فريق جرت إدارته وراء النجوم ليتراكموا تحت مظلتها‏..‏ وهو بالتأكيد أكثر ما يزعجني حين تتسبب إدارة الأهلي في إفساد فرحة جماهير الأهلي وتسرق منها سعادتها وكبرياءها رغم أن هذه الجماهير تحديدا هي أجمل ما في الكرة وفي الرياضة المصرية كلها "

و في جريدة الجمهورية كتب جمال المكاوي يوم الثلاثاء 30 مايو تحت عنوان " بأمانة " :

" بصراحة ومن غير لف ودوران.. أري أن مواصلة الأهلي لسياسة خطف النجوم وتجميعهم.. وحرمان المنافسين منهم.. يختلف مع أخلاق ومبادئ وتقاليد الأهلي العريقة منذ أيام المرحوم سعد زغلول أول رئيس وطني للنادي. ومرورا بالعمالقة أمثال عزيز عزت وعبدالخالق ثروت وجعفر والي والفريق مرتجي وأحمد عبود والوحش وحتي الأسطورة صالح سليم.. ما يحدث الآن يختلف تماما مع روح المنافسة الشريفة وأخلاق الفرسان والنبلاء.. ويخل بمبدأ تكافؤ الفرص.. ومرض نفسي خطير!! يقوم علي غريزة ولذة تحطيم الآخرين!! أو محاولة امتلاك وخطف ما لدي الغير!! كما هو الحال عند الأطفال الصغار!! وأدعو كل العقلاء والمحترمين الذين مازالوا يحتفظون بأخلاق ومبادئ الأهلي أن يبادروا بوقف هذه المهزلة التي تسيء للأهلي وصورته الوطنية الجميلة.. لأن الأهلي طوال فترات الكفاح الوطني.. وكل السنوات الماضية عودنا قادته علي العطاء ومد "يد" العون للآخرين.. وليس مد اليد لسرقتهم ونهبهم علي طريقة الهباشين والبكاشين!! .

التي أصبحت للأسف سلوك الكثيرين وفي هذا الزمان خاصة رجال الأعمال إياهم!! الذين نسمع كل يوم عن فضائحهم وفسادهم وتحولهم إلي السجون.. أو الهروب بأموالنا للخارج!! .

كما أن سياسة الأهلي الحالية تتعارض مع القانون الذي وضعته الحكومة لمنع "الاحتكار"!! وفنيا فهو يضر بالمسابقة بعد أن تغيب المنافسة ويهبط المستوي.. والضحية سيكون المنتخب ومستقبل اللعبة بشكل عام. "

و المقالان يعبران تعبيراً لا جدال فيه علي حال الإعلام الرياضي ، فالأستاذ ياسر أيوب يعطي مبرراً للشغب و يتهم الأهلي بتجميع النجوم و ير أن هذا هو السبب في الشغب الجماهيري ، و يسير علي دربه الأستاذ جمال المكاوي و الاثنان لم يشاهدا علي الساحة الرياضية لاعباً نشطاً في مجال الانتقالات إلا النادي الأهلي ، و حقيقة فإنني في دهشة كبيرة مما يفعله الإعلام الرياضي من شحن أعمي للتعصب في مصر ، فالاحتراف أصبح خطف لاعبين ، و كل اللاعبين في مصر انتقلوا إلي النادي الأهلي ، يتحدث الاثنان كما لو كانت قائمة النادي الأهلي من مائة لاعب ، يتجاهل الاثنان تماماً جو الاحتراف الذي نعيشه ، قد نتفق أنه احتراف وهمي مشبوه لا توجد به قواعد ، و لكن ماذا يسمي هؤلاء ما يجري من باقي الأندية كالزمالك و انبي و غيرها و التي ارتفعت بأسعار اللاعبين إلي سقف عالي جداً يتهم به أيضاً النادي الأهلي في كتاباتهم ، قد أقتنع كقارئ بما يكتبوه حين يتحدثون عن منظومة الاحتراف الأعوج علي عمومها ، أما الحديث عن النادي الأهلي وحده دون غيره فهذه نظرة أحادية الجانب و إليهم أهدي ما كتب الأستاذ شوقي حامد في جريدة الأخبار يوم الجمعة 2 يونيو :

الصراع بين المقاولون والأهلي أوقع 'صديق' في الفخ الذي سبقه اليه لاعب الشرقية
نصف فريق اسمنت اسيوط باع ناديه في منتصف الموسم وتخلي عن القواعد الأخلاقية

شهدت الفترة القصيرة الماضية حالة من التنافس المحموم بين اندية الدوري الممتاز بلغت حد الصراع وتجاوزت حدود التفاوض والتقايض والسمسرة.. وطرح المتفائلون ارقاما ومبالغ باهظة وصلت للملايين وليست بالالاف.. وليت الامر وصل الاستفزاز الرأي العام واستنفار غضب الجماهير المطحونة والمحروقة بسبب تداول تلك الارقام الخرافية في سلع كمالية وبضاعة مغشوشة ومضروبة لم تكن لتلقي رواجا في الحارات والازقة فأصبحت محط الانذار ومهبط الابصار لكل عناصر الساحة وانما ايضا اسفرت المشاكل المتداولة بين الاندية المتصارعة عن وقوع خسائر في صفوف اللاعبين ليس للجهل باللوائح والقوانين التي تنظم وتضبط ايقاع 'البورصة' وانما للجشع والطمع والخضوع لإغراءات المبالغ الكبيرة والارصدة الغزيرة.

التاريخ يعيد نفسه.. والاخطاء تتكرر مع تغير طفيف في الاشكال والارقام.. ولا أحد يتعلم.. ولا أحد يتعظ.. في الموسم الماضي حدث تقاتل بين المسئولين بأندية الاهلي والشرقية والاسماعيلية حول الناشيء أحمد جلال الذي وقع لأكثر من جهة والذي قام ناديه الاصلي ­ الشرقية ­ بتسويقه لأكثر من ناد.. وبعد ان استحوذت القضية علي اهتمامات جماهير عريضة.. كان اللاعب هو الضحية حيث تمت معاقبته بالايقاف لمدة عام واختفي اللاعب عن الانظار وتأثرت موهبته ومهاراته من التجمد في ثلاجة الايقاف وبرز علي سطح الاحداث في الفترة الاخيرة لاعب اسمنت اسيوط احمد صديق الذي تنافس عليه ­ اقصد تقاتل عليه ­ ناديا المقاولون والاهلي.. وسارع المسئولون بالمقاولون لتقديم مذكرة لاتحاد الكرة وارفقوا بها مستندات تثبت توقيعه علي عقد ابتدائي في تاريخ 24 ديسمبر الماضي وحصوله علي مبلغ 75 الف جنيه وهو ما تصوروا أنه يدين اللاعب ويضمن عدم افلاته من قبضتهم وانضمامه للاهلي.. ورغم ان المسئولين بالاهلي ­ المهندس عدلي القيعي ­ سارع بالاجتماع مع مسئولي المقاولون وتحاور الطرفان واتفقا علي تجميد المشكلة وقررا الوصول الي نقطة لقاء ينتقل من خلالها اللاعب الي الاهلي مقابل انتقال بعض رديف الاهلي للمقاولون ورد اللاعب للمبلغ الذي حصل عليه.. غير ان ذلك لم يرض لجنة شئون اللاعبين باتحاد الكرة برئاسة احمد مجاهد التي سارعت بتحويل اللاعب الي التحقيق متهمة اياه بالتواطؤ والجشع الامر الذي قد يعرضه لعقوبة شديدة قد تصل لنفس المدة التي نالها زميله من الشرقية احمد جلال.

رجال المقاولون وبينهم المهندس محمد عادل المشرف علي الكرة يقولون ان اللاعب وقع علي عقد ابتدائي معهم في 24 ديسمبر وهو الموعد الذي تحدده اللوائح قبل انتهاء الموسم بستة اشهر.. ورجال اتحاد الكرة وبينهم احمد مجاهد يؤكدون ان اللوائح تبيح التفاوض وليس التعاقد.. وبين الكلمتين فارق شاسع في الشكل والمضمون والاثار.. ويضيفون ويدللون علي كلامهم بان المقاولون واسمنت اسيوط كانا يواجهان شبح الهبوط قبيل نهاية الموسم.. فكيف يكون اللاعب احمد صديق مخلصا لناديه الاصلي ­ الاسمنت ­ وهو يتبارز في المباريات الاخيرة مع ناديه الجديد ­ المقاولون ­ والذي يمثل مستقبله الواعد.. بل لقد تعاقد المقاولون مع ستة لاعبين من الاسمنت كانوا جميعهم مع ناديهم الجديد قلبا مع ان اجسادهم مع ناديهم القديم.. صحيح ان المقاولون بادر بتصحيح خطئه في يناير عندما جدد تعاقداته باستثناء اللاعب احمد صديق الذي لم يتعاقد مرة ثانية.. وعندما وقعت المشكلة اضطر المقاولون لتقديم العقد القديم وهو ما يريد ان يفلت من جنحة او مخالفة بسيطة يتجاوز اشارة المرور الحمراء فوقع في جناية كبيرة بان دهس احد المارة فقتله.

فقد رأينا و سمعنا جميعاً الدكتور جمال محمد علي يصرخ قائلاً أن اللاعبون وقعوا لفرق أخري في الدوري و أن السماسرة قد دمروا فريقه ، و شاهدنا الكابتن علي أبو جريشة يصرخ قي قناة دريم الحلقة قبل الماضية أن الأهلي تفاوض مع اللاعب أحمد صديق رغم أنه وقع من قبل للمقاولين العرب ، ثم قررت لجنة شئون اللاعبين باتحاد كرة القدم في اجتماعها أمس برئاسة المهندس أحمد مجاهد استدعاء أحمد صديق لاعب أسمنت أسيوط ليس لأنه وقع عقدين في آن واحد لكل من الأهلي والمقاولون العرب‏,‏ ولكن بسبب آخر يتعلق بتوقيعه عقدا مع المقاولون العرب في شهر ديسمبر عام‏ 2005‏ وحصوله علي مبلغ‏75‏ ألف جنيه قبل أن يدخل فترة السماح التي تقرها اللائحة وتتيح له الحق التفاوض والتعاقد نادي آخر قبل انتهاء عقده بستة أشهر كاملة‏ ، و للعلم فعقد اللاعب مع نادي المقاولون العرب تضمن شرطاً جزائياً ينص علي أن يدفع اللاعب 150 ألف جنيه إن أراد فسخ العقد و هو الشرط الذي به تفاوض الأهلي .

لم يلتفت أحد للجريمة التي ارتكبها الكابتن علي أبو جريشة بالتفاوض و التعاقد مع ستة لاعبين من نادي أسمنت أسيوط للانتقال إلي نادي المقاولون العرب و تسبب في هبوطه للدرجة الأولي ، لم يتحدث أحد عنها فالحديث عن الأهلي هو الذي يجذب القارئ لشراء الجريدة و المجلة و ليس مهماً علي الإطلاق البحث عن الحقيقة أو النزاهة أو ميثاق الشرف الصحفي .

كنت سأتفهم نقد كل هؤلاء للأهلي لو تحدثوا عن جريمة في حق نادي يمثل الصعيد الذين صدعونا بالحديث عن ظلمه و ضرورة تمثيله بالدوري الممتاز ، و لكن كل هؤلاء نسوا ميثاق الشرف الصحفي و تذكروا جيداً حصيلة بيع صحفهم ، و أرادوا فقط صنع حالة من الاستنفار و التعصب بجهل لا يعلمون آثاره المدمرة علي الرياضة بشكل عام و كرة القدم بشكل خاص .

و عودة إلي طريق الإسماعيلية ، فقد استوقفتني حقيقة أن أحداث الشغب لم نسمع عنها علي الإطلاق طوال الفترة التي تلت حرب أكتوبر 1973 و حتى عام 1990 إلا نادراً ، فعلي ما أذكر لم تكن هناك واقعة شغب إلا عندما أخرج النادي الأهلي النادي الإسماعيلي من بطولة أفريقيا لأبطال الكئوس عام 1986 و لكنها أيضاً لم ترقي علي أي حال لما نراه في السنوات الأخيرة ، و لا أدري لماذا تذكرت ما كان يجري في مدينة بور سعيد في أوائل الثمانينات عندما كان فريق النادي المصري نداً قوياً للنادي الأهلي و نادي الزمالك في البطولات المحلية ، و كيف كانت جماهير بور سعيد مشحونة لأقصي درجة ، تذكرت عندما كانت الجمارك تفتح علي مصراعيها عندما يفوز المصري و تعذب الجماهير عندما يخسر و تخرج بصعوبة بالغة من بور سعيد و في حراسة الشرطة .

تذكرت ما كان يجري في أوائل التسعينات في المنصورة عندما كان فريقها قوياً بوجود أشرف الماحي و الموجي و عز الرجال و بجاتو و كيف كانت الأجواء متوترة بها أثناء مباريات المنصورة مع الأهلي و الزمالك .

تذكرت الإسكندرية و الأجواء العصيبة بها في منتصف السبعينات عندما فاز الإتحاد السكندري بجيله الذهبي علي النادي الأهلي مرتين متتاليتين في نهائي كأس مصر و فاز بالبطولة أعوام 1973 ، 1976 و المعاناة التي كانت تواجهها جماهير النادي الأهلي بالإسكندرية .

و قرأت عن مدينة المحلة و عصر نجومها العظام عمر عبد الله و عماشة و عبد الرحيم خليل و السياجى و غيرهم و حالة الاستنفار عند الجمهور المحلاوي مع الأهلي و الزمالك ، و واقعتين لا تنساهما كرة القدم المصرية ، طوبة عمر عبد الله ، و طوبة طه بصري ، ففي موسم 1975/1976 و الذي أقيم بنظام المجموعتين أصيب عمر عبد الله بطوبة من مشجع زملكاوي و ألغيت المباراة و احتسبت النتيجة للمحلة و تصدر المحلة مجموعته ليقابل النادي الأهلي بطل المجموعة الثانية في مباراتين فاصلتين و يفوز الأهلي بالمحلة 1/0 و بالقاهرة 4/0 و يفوز بالدوري ، و في موسم 1977/1978 أصيب طه بصري نجم الزمالك بطوبة محلاوية و ألغيت المباراة و فاز الزمالك بالدوري ، ناهيكم عن حالة التحفز لدي جماهير المحلة في بعض فترات الثمانينات حين كان فريق المحلة منافساً قوياً في عهد مدربه القدير محمود الشناوي .

و قارنت ما جري من وقائع مع تزايد حالات الشغب عند الجمهور الإسماعيلاوي في المواسم الأخيرة و لم أصل إلا لنتيجة واحدة .

إن تزايد الشغب لدي فرق الأقاليم مرتبط طردياً بحالة فريقها الفنية و منافسته علي البطولات ، و خاصة حينما كانت الإدارة الفنية له غير منضبطة في تصريحاتها و لا تراعي المزاج العام ، و عندما كانت إداراتها منضبطة في تصريحاتها كانت المباريات تخرج بلا أي حالات للشغب الجماعي و ما المرحوم شحتة و الكابتن محسن صالح إلا مثالين رائعين لهذا ، ففي موسمي 1990/1991 ، 2001/2002 فاز الإسماعيلي بالدوري و لم يكن الشغب جماعي بل حالات فردية تحدث في كل الملاعب في ظل خطاب إعلامي محترم من قبل المرحوم شحتة و الكابتن محسن صالح الذي حقق نتائج رائعة أمام النادي الأهلي ، و في المقابل شاهدنا خالد القماش عند فوز الإسماعيلي علي الأهلي 4/0 بالبطولة العربية في عهد أوليفيرا يطلق علي فريق النادي الأهلي فريق المدارس في خطاب إعلامي سىء للغاية زاد من توتر الجماهير و سار بوكير علي دربه بتصريحات مثيرة لا تؤتي إلا بثمار التعصب الأعمي ، و علي العكس عندما كان الإسماعيلي في الفترة من 1973 و حتى عام 1990 فريق لا ينافس و يحتل أغلب الأحيان منتصف الجدول كانت مبارياته مع الأهلي تمر بهدوء و بلا حالات شغب تذكر .

قد أكون مصيباً في تحليلي و قد أكون مخطئاً و لكن علي أي حال هي وجهة نظر قد تصيب كبد الحقيقة و تصل بنا لأصل الداء ، فالخطاب الإعلامي الذي يصدر من الأجهزة الفنية و المسئولين يتغير عند قدرة الفريق علي المنافسة و من الضروري للغاية تغييره ليصبح خطاباً إعلامياً إيجابياً يوظف طاقات الجماهير لمصلحة الفريق و تشجيعه ، و إلا ماذا سيكون الحال لو تغير الحال و أصبح الدوري يتنافس علي بطولته خمسة أو ستة فرق ؟ ، هل تتحول كل المباريات إلي حروب و معارك جماهيرية ؟ .

إنها قضية شبه معقدة و علاجها يحتاج وقت طويل و لكن لا يوجد مستحيل إذا تضافرت الجهود علي كل المحاور إعلامياً و إدارياً ، القضية ليس لها علاقة بالتحكيم أو اللوائح ، بل هي في ظني قضية إعلامية بحتة ، قضية فكر و ثقافة لكل العاملين بالمنظومة الرياضية ، و لا بد من تغيير كامل في الخطاب الإعلامي و إلا سنتجه رويداً رويداً لكارثة جماهيرية كبيرة ، و وقتها سنندم وقت لا ينفع الندم .

و إلي المقال القادم و إعلام علي ما تفرج و ... توووب علينا يااارب .

تعليقات