عندما ينتشر الجهل الكروي ... و يختلط الخبر بالمقال !

السبت 29 أبريل 2006, 12:43 كتب : عبدالرحمن مجدي

فبعد تعادل الأهلي السلبي مع أسمنت السويس, توقعت أن تقوم الدنيا و لا تقعد, و أن يعتبر البعض جوزيه مدرب فاشل, و أن يعتبروا الأهلي فريقا يعتمد على لاعب أو اثنين و ما إلى ذلك دون النظر إلى أي عواقب أخرى قد تكون صادفت الفريق خلال الفترة التي سبقت هذه...   المباراة و هو أمر حدث بشكل نسبي بالفعل.

كنت كالعادة أتصفح الجرائد اليومية و ألقي نظرة سريعة على صفحة الرياضة بكل منها, حتى اصطدمت بجريدة الأهرام المسائي, التي يرأسها تحريرها الأستاذ مرسي عطا الله رئيس نادي الزمالك السابق, و كنت كعادتي أقرأ خبر الوصف التفصيلي للمباراة و الذي كتبه هذه المرة الأستاذ محمد صيام صحفي جريدة الأهرام المسائي, لأجد نفسي أقرأ شيئا أشبه بمقال تفرغ لإبراز سلبيات الأهلي في تلك المباراة, و اعتبارها سلبيات دائمة في الأهلي, على الرغم من كونه "خبر" أي أن الهدف منه أن تصل المعلومة للقارئ, و ليس الهدف منها أن نوجه تفكير القارئ إلى اتجاه معين!

فالأستاذ محمد صيام وضع عنوانا "الأهلي بدون بركات وأبوتريكة صفر‏:‏ تعادل مع أسمنت السويس سلبيا بعد مباراة مثيرة .. محمد عامر أدار اللقاء باقتدار‏..‏ وجوزيه وقف علي الخط عاجزا"

و جاءت الفقرة الثانية من الخبر, أو المقال كالتالي:"بدا الأهلي خلال المباراة في أسوأ حالاته الفنية والبدنية‏,‏ والأولي سببها غياب محمد أبوتريكة‏,‏ ومحمد بركات‏,‏ والثنائي هما نصف قوته‏,‏ وكل أوراقه الهجومية وبدونهما يصبح الأهلي فريقا بلا طعم أو لون ويتشابه مع خصومه في كل الأشياء بداية من الأخطاء الخططية التي يرتكبها لاعبوه وتتعلق بالوعي والفهم‏,‏ ومرورا بالنضج علي الأقل الهجومي‏,‏ وانتهاء بفهم طبيعة المواجهات وكيفية حسمها"‏‏

و الكاتب هنا جاء ليذكر أن الأهلي في ظهر في حالاته الفنية و البدنية, مشيرا إلى أن السبب في الحالة الفنية السيئة هو غياب محمد بركات و محمد أبوتريكة عن الفريق, بينما تجاهل الكاتب المحترم أن يذكر ما السبب في الظهور بهذا الشكل البدني السيئ كما لو كان "بينقي" المواضيع التي سيتحدث فيها بدلا من أن يوازن الأمر من جميع نواحيه .. بل و عاد و استأنف كلامه قائلا "بل أن ما ظهر به لاعبو الأهلي من ضعف في الأداء بدون الثنائي محمد بركات‏,‏ ومحمد أبوتريكة يطرح سؤالا مهما‏:‏ من يصنع من‏..‏ المدير الفني يصنع فريقا قادر علي حسم البطولات‏..‏ أم أن النجوم هم الذين يصنعون البطولات‏,‏ ومعها أساطير التدريب؟‏" .. بالله عليكم هل يمكن أن نصف هذا الكلام بـ"خبر" ؟؟؟ هل يعتبر ذلك وصفا تفصيليا لمباراة؟؟

نعود لكلام الكاتب مرة أخرى "ومهما كانت الإجابة علي السؤال فإن الحقيقة التي بدت واضحة خلال مباراة أسمنت السويس أن مانويل جوزيه المدير الفني للأهلي يتحول لمدرب عادي جدا بدون النجوم ويهتز كثيرا عندما يغيبون عنه‏..‏ ويرتبك بشدة حينما يتعلق الأمر بالأوراق الهجومية أو بأصحاب القدرات والمهارات في الثلث الأخير علي اعتبار أن الأهلي فريق بطولة كل اعتباراته تتعلق بالأداء الهجومي‏,‏ وكل هدفه وأولوياته هو الفوز ولا سواه‏ .. ووضح ارتباك مانويل جوزيه مبكرا جدا ـ ربما قبل المباراة ـ عندما أساء اختيارات التشكيل الأساسي‏,‏ وارتكب أخطاء فادحة في كل الخطوط فبدلا من أن يحافظ علي الهيكل الرئيسي لفريقه في غياب كل قوته الهجومية راح يجري تعديلات غريبة أفقدت الفريق تجانسه وتوازنه وأضرت بأكثر ما يميز الأهلي من إجادة الجبهات للعمل في الثلث الهجومي وقدرة اللاعبين علي التنويع الهجومي وإمكانية بناء الهجمات بطرق متعددة تتيح عنصر المفاجأة وتجعل مهام الخصم في الرقابة وتحييد الأهلي شبه مستحيلة‏,‏ ثم أنه بالتشكيل الذي أعتمد عليه عندما دفع بوجوه جديدة في كل خط أفقد المجموعات ثقة المساندة والتقدم وحرم أكثر من لاعب من جرأة التقدم والرغبة في المغامرة فكان الأداء في أقل معدلاته‏" و هنا أجدني عائدا لنفس التساؤل .. الكاتب هنا يناقش التشكيل و الأخطاء الخططية بل و يذكر البدائل التي يراها أنسب!! .. هل يمكننا أن نصف هذا الكلام بخبر ؟؟ هل يمكننا أن نقول أن الغرض من هذا الكلام هو توصيل المعلومة للقارئ, فقط؟؟

و على الرغم من أن هذا الخبر, أو المقال, يحتوي على العديد من الجمل الأخرى التي تدل على أن الكاتب هنا تفرغ لإبراز عيوب الأهلي و التمجيد في أسمنت السويس, إلا أني سأنتقل لنقطة أخرى, و التي لا أريد أن أصفها بالجهل الكروي, بل يمكننا القول أن الكاتب لم يكن موفقا فيها عندما قال "والمثير أن الأهلي وضح كله متأثرا بالإرهاق‏,‏ والمؤسف أن يتحجج بها البعض في ناد كبير بحجم الأهلي لأن من أولويات التدريب البدني هي كيفية الاستشفاء باللاعبين عندما يبذلون جهدا مضاعفا سواء بدنيا أو ذهنيا‏,‏ فإذا كان أداء الأهلي قد تأثر أمام أسمنت السويس بالإرهاق فهو دليل إدانة للجهاز الفني‏,‏ وليس تبرئة له من انخفاض المستوي‏."

هنا لا يسعني إلا أن أذكر الأستاذ الكاتب المحترم بأن الأهلي غادر القاهرة مساء يوم الثلاثاء 18 أبريل, و قضى ما يقرب من 24 ساعة ما بين سفر و ترانزيت في مدريد, ثم الوصول لغينيا في ظروف أكثر من صعبة, سواء في إقامة سيئة, أو التدريب على ملاعب لا تصلح للعب القدم, ثم لعب مباراة شاقة انتهت بالتعادل السلبي بعد تحكيم منحاز لأصحاب الأرض, ثم رحلة سفر شاقة في العودة حتى وصل الفريق في الساعات الأولى من صباح الأربعاء 26 أبريل .. أي أن الفريق قضى أكثر من سبعة أيام خارج الحدود, ليعود و يجد لاعبيه أنفسهم عاجزين عن أن ينالوا يوما واحدا من الراحة و يواصلون الاستعداد لمباراة أسمنت السويس, ثم السفر إلى السويس اليوم التالي للمبيت بها ليلة المباراة ... كل هذا لا يعتبره الكاتب سببا كافيا ليهتز مستوى الأهلي قليلا بسبب الإجهاد!

ثم لعب مباراة خشنة للغاية لعب الأهلي فيها بدون خمسة من لاعبيه الأساسيين و هم أبوتريكة و بركات اللذين ذكرهم الكاتب, بالإضافة لمحمد شوقي المصاب و عبدالوهاب و إسلام الشاطر اللذان فضل الجهاز الفني إراحتهم في ظل الموقف المريح الذي يحتله الأهلي في جدول الدوري, ناهيك عن إصابة وائل جمعة أثناء اللقاء, و الخشونة الرهيبة التي لعب بها لاعبو الأسمنت و الإجهاد الرهيب الذي بدأ في النيل من لاعبي الأهلي!

ثم ترك الكاتب الـ"خبر" و الـ"مقال" و انتقل للتحليل ... فقال "ومشكلة الأهلي أمام أسمنت السويس لم تكن بدنية بقدر ما كانت فنية تتعلق بفريق افتقد لكل أسس اللعب الجماعي‏,‏ وغاب عنه كل الحلول التكتيكية لتعويض غياب أصحاب المهارات والقدرات الخاصة‏,‏ ولم يكن الأهلي منظما طوال الوقت‏,‏ وفشل في ثلاثة أشياء رئيسية الأول في أن يتحكم في سرعة اللعب‏,‏ والثاني في بناء الهجمات‏,‏ والثالث في الضغط في مساحات متقدمة للسيطرة علي الكرة‏." و هنا أجدني –لا إراديا- أعود للتساؤل .. هل هو خبر , أم مقال, أم تحليل للمباراة .. أم أنه كوكتيل!

و بعد أن أتحفنا الكاتب المحترم بهذا النوع الجديد من الكتابة, فدعونا نلقي نظرة على ما نشر في جريدة أخبار اليوم مثلا, في وصف المباراة الذي كتبه الصحفي المحترم الأستاذ عمرو كمال, أو في الأهرام و ما كتبه الصحفي الرائع الأستاذ محمود صبري لنجد مثالين رائعين لكلمة "خبر" بمعنى "توصيل معلومة" .. و ليس أكثر.

بالمناسبة .. الأهلي هزم الإسماعيلي 2-0 و المصري 2-0 و الاتحاد 1-0 بدون أبوتريكة و بركات!

تعليقات