||اللعب بالنار|| عبرة من الدنيا للآخرة "الجحود بالنعمة"

الأحد 18 يناير 2009, 18:09 كتب : عادل شكري

 

يظل كثيراً من الناس خلال حياتهم غارقون في حركتهم ونشاطهم واستمتاعهم بالحياة وطموحاتهم فيها والتي قد لا تتفق مع الواقع دون أن يلحظوا أهم دروس الحياة، أنهم كثيراً ما يجحدون هذه النعم!!، فهل نشكر الله على نعمة المال بأن ننفقه فيما يغضبه؟، وهل نستخدم ما وهبنا الله من صحة وسلطة في ظلم الآخرين؟، وهل نشكر الله على نعمة النسيان بأن ننسى ديوننا وحقوق الآخرين لدينا؟، وهل يكون شكر الله على نعمة النسيان بأن نكرر أخطاءنا ونغفل الدروس المستفادة مما مر به الآخرين في مواقف نمر بها كل يوم بحجة النسيان!!.

 

 

 

ولماذا لا نتذكر نعم الله  علينا إلا عندما نفقدها!، ونبدأ في شكوى الخالق للمخلوق ونتهم الدنيا والأهل والجميع نرتدي بسهولة واقتناع.. ثياب وماسك سنمار، والأصل ألا يجب أن نلوم إلا أنفسنا!.

 

  

مخاطر استغلال "الهاجس الأمني" لتحقيق أهداف شخصية:

 

  

"هاجس" أو "وهم أو أوهام" أي إنسان أخطر عليه من نوائب الدنيا والأخطار المادية التي قد تواجهه، فخوف البعض من الظلام أخطر عليهم من مواجهة منافس أو عدو، فربما يتوقف قلب إنسان لخوفه بالرغم من سلامة قلبه، بينما ليس من السهل أن يحدث له ذلك أثناء العراك مع شخص آخر، لذا فالهاجس أو الوهم أكثر خطرا من المخاطر المادية!.

 

  

فإذا كان الأمر كذلك بالنسبة لفرد، قد لا يتطلب منه الأمر الكثير من المال ليتفاداه، ولكن الأمر مختلف تماما على أمن البلاد، فمجرد هاجس ما يكلف أجهزة الأمن بكل مباشر أو غير مباشر الكثير من المال والجهد والتوابع، وأخطر شيء على مصالح بلد كمصر في مثل هذه الظروف.. هي التوابع!!.

 

  

وأشد هذه التوابع تأثيرا على المجتمع ومصالح البلاد، هي تحول رجل الأمن إلى طرف أو إلى الجانب الآخر من المواطن، فمهما كانت هناك من ملاحظات على علاقة المواطن برجل الأمن، فالأمر لم يتعدى الشكوى من التجاوزات في استعمال السلطة أو عدم فهم متبادل لواجب كل منهما نتج عنه إحساس غير سار، وربما تجاوز الإحساس للأثر المادي الجسدي، ولكن بالرغم من كل هذا لم يشك أبدا أي مواطن في أي وقت أن رجل الأمن مصريا ولا توجد أدلة على اختلاف الانتماء لهذا البلد لأي من الطرفين، ولكن أن يصل إحساس المواطن للشعور بالغربة في بلده أو أن رجل الأمن عدو له والعكس بالنسبة لرجل الأمن، فعلى أي قاعدة يمكن للطرفين أن يعيشا سويا في سلام على أرض هذا البلد مع كونهم أبناء أسرة واحدة؟!!.

 

  

وعندما يبلغ مواطن جهاز الشرطة عن أمر ما ويكتشف المسئولين عدم صدق هذا البلاغ يتحول المواطن إلى متهم بالبلاغ الكاذب، ولكننا لم نجد أبدا في القانون إمكانية محاسبة أمن دولة بالكامل بتهمة القيام عن عمد بإجراءات ظالمة.. وضد من؟، ضد الشعب بالكامل، ولماذا وكيف يحدث ذلك؟.

 

  

في الحقيقة إن هذا الأمر لا يمكن أن يحدث طبقا لما تابعناه إلا نتيجة أحد احتمالين:

 

  

إما لأن الجهات الأمنية لديها المعلومات الكافية حول الموضوع وخطورته وخطورة وقوة القائمين عليه... وهذا ما لم يجد له مكانا على ارض الواقع حيث لم يجد الأمن أي مضبوطات حتى مع محاولته لإلصاق التهم بالأبرياء، وحتى في البيانات التي رددها أحد الفضائيين الذي استخدمها كخبر من جريدة هو نفسه ناشر الخبر فيها على أساس أنها بيانات من الداخلية بمصادرة ما يساوى 170.000 صاروخ من الصواريخ التي تستخدمها الجماهير في المدرجات، في حين أن أي طفل سيفهم فورا عندما يسمع هذا الخبر، أن هذه الأرقام لا تخص "الشماريخ" إنما هذه الإعداد تخص فقط الصواريخ الصغيرة التي يستخدمها الأطفال في الأعياد أما خلاف هذا النوع فلا يمكن أن يتوفر بالسوق المحلى من الشماريخ بهذه الأعداد، وشخصي الضعيف على استعداد وبالأدلة العقلية والمادية الرد وتكذيب أي جهة تؤكد أنها الشماريخ المقصودة!!.

 

  

أو، حدث ذلك لأن أحدهم استغل "الهاجس الأمني" لدى مسئولي البلاد ليدفعهم للدخول في معركة مع عدو وهمي اضطر كل رجال الأمن لتفتيش مواطني البلاد من كل المحافظات عند دخولهم الإستاد تفتيشا ذاتيا بحثا عن سلاح "وهمي"، يمكن ببساطة التأكد من وجوده من عدمه بمجرد النظر أو بعد خلع المرحلة الخارجية من الملابس، وبكل أسف لم يجد كل جنود أمن مصر الذين تكلفوا بهذه المهمة، من القبض على "قطعة سلاح رياضية" واحدة خلال عملية "غزو" ميدان الرياضة وتفتيش كل أهلها القادمين لمشاهدة مباراة وليس معركة حربية!!.

 

  

عودة إلى قضية التوابع، لنجد أن العلاقة بين المواطن ورجل الأمن والتي مرت بالكثير من المشاكل اليومية وفي المناسبات ومن خلال أخبار الجرائم على صفحات وشاشات وسائل الإعلام، وبذلت الحكومة الكثير من الجهود لتحسين صورة رجل الأمن وتخفيف الاحتقان، وفي لحظة أضاعت وزارة الداخلية كل هذه الجهود السابقة بكل أسف في مهزلة إستاد القاهرة، وسيكون هناك الكثير من الملاحظات والتوابع ستؤثر بالقطع على غير صالح الجميع سواء على العلاقة بين المواطن ورجل الأمن أو على الرياضة بصفة عامة كجزء هام وحيوي لاهتمامات الجماهير بعد أن سُدت في وجههم الكثير من أبواب السعادة والارتياح فلم يبقى لهم غيرها لينفسوا فيها عن ضغوطاتهم وإحباطاتهم الشخصية والعامة، من هذه الملاحظات على سبيل المثال وليس الحصر:

 

  

1- أن خلفية أحداث مباراة الإسماعيلية، مع الإقرار باستخدام جماهير الأهلي للشماريخ مثلهم مثل جمهور الإسماعيلي، بغض النظر عن البادئ في الإشعال، ذلك الأمر الذي تكرر من قبل في معظم المباريات المحلية والإفريقية من كل جماهير مصر دون اتهامات جنائية، كانت هذه الخلفية برغم ضرب جمهور الأهلي وأتوبيساته بالحجارة عند دخوله عند نقطة قطع التذاكر الخاصة بالإسماعيلية، ثم قذفه مرة أخرى مع دخوله المدينة ثم استبقائه بالملعب بعد المباراة لوجود إرهابيين أحرار بالخارج - لم يحاسبهم احد حتى الآن - لما بعد منتصف الليل في ليلة من شهر يناير الباردة، ثم كان القرار برغم كل ذلك باعتبار جماهير الأهلي هي المذنبة، أظهر ذلك توجه الدولة تجاه الأهلي وجماهيره – والزمالك أيضا - في أحداث موقعة الإستاد، فكان لابد أن يحول كل ذلك العلاقة بين المواطن ورجل الأمن إلى علاقة تحد وألم ومرارة تملأ نفوس الجماهير من الأمن ومن أسلوب التفتيش الذاتي الذي لم يحدث للفلسطينيين على كل المعابر ولم يحدث في مصر لأي مواطن عند البحث عن الإرهابيين بعد العمليات التي يقومون خلالها بالتدمير والتخريب، فكيف لا يكون لذلك توابع ستتطلب وقتا طويلا لتحسين تلك العلاقة بين أفراد جماهير الشعب وبين من يفترض أن مهمتهم تأمين الجماهير وليسوا أداة لتعذيبهم لمجرد رغبتهم مشاهدة مباراة في كرة القدم، وكيف ستصدق الجماهير - بعد كل ما حدث واعتبرته الجماهير إهانات إنسانية بالغة - أي محاولة لرجال الأمن على كافة المستويات لإثبات حسن النية خلال المباريات القادمة؟،  ألم تصل حسابات المسئولين عن الأمن أن تظل النفوس لفترة طويلة معبأة ومهيأة للشجار والصدام مع أدنى احتكاك على خلفية ما حدث؟، وسواء حدث ذلك في مناسبة رياضية قادمة أو حتى غير رياضية؟، ترى هل سيكون رجل الأمن أو حتى رجل المرور محل احترام وتقدير وعطف من الجماهير بعد ذلك؟، ومن المسئول عن ذلك؟، الشماريخ!!.

 

  

2- أن العلاقة بين الجماهير وبين مسئولي الرياضة ستظل لفترة طويلة خالية من الود والثقة، فلم يكن اتحاد الكرة صريحاً مع نفسه ومع الأندية ومع الجماهير عند توقيعه العقوبة "المطبوخة"، في حين أن الاتحاد كان يمكنه الإعلان أن "العقوبة غير قابلة للنقاش ولا صلة لها بلوائح المسابقات التي يديرها والعقوبات المسجلة بها"، عندها ربما تبقى لأعضاء الاتحاد ولو واحد بالمائة من المصداقية، ولكن للأسف يعلم رجل الشارع العادي أن العقوبة قد أعدت لرجال الاتحاد وما كان عليهم إلا تلاوتها على رجال الإعلام، بينما إدعاء رجال الاتحاد بأنهم أقاموا لجنة طوارئ "طبقا للوائح" وأن توقيع العقوبة جاء بناءا على أي عذر فهذه بلا شك أوضح نماذج السذاجة وتسطيح كل العقول بلا جدال!!.

 

  

3- أن وجود السيد النائب بلجنة السياسات للحزب الوطني يعطى دلالة على أن إثارته للقضية لم يأتي بالصدفة أو كان أمرا عشوائيا، إنما جاء استغلاله لظروف البلاد وتعرض سياستها للنقد من الداخل والخارج لمواقفها تجاه أحداث غزة، قد دفع الجماهير أن تحكم على رد الفعل الأمني عند الإستاد بان الدولة قد استجابت لإثارة النائب للقضية لتسريب رسالة لجماهير ولشعب مصر بأن أجهزة الدولة لم تقبل النقد السابق وبأنها لن تسمح بتكراره وها هي تتعامل مع قضية لا تستحق الاهتمام بيد من حديد وتترك للجماهير أن تتخيل رد الفعل مع استمرار المظاهرات ومظاهر الاعتراض والرفض المختلفة على اتساع أرض مصر، هذا هو الاحتمال الطبيعي لقيام عضو بالسياسات بما حدث!!.

 

  

4- أن وجود السيد النائب كعضو بلجنة السياسات، واستجابة كل أجهزة الأمن لمغالطاته وتجييش عناصرها في مواجهة مجموعة من الشباب لا يزيد عددهم عن مائتان أو ثلاثمائة شاب وجرأته في إثارة قضية كاذبة وبأسلوب المخالف لأبسط قواعد القانون المحلى ولأبسط مبادئ حقوق الإنسان ولكافة  الأعراف الرياضية والإعلامية، لا يمكن أن يكون ذلك إلا رسالة من لجنة السياسات من خلاله لشباب مصر أنها – أي اللجنة –  غير مرتاحة لممارسات الشباب وعليهم – الشباب – مراجعة مواقفهم في الكثير من القضايا التي أعربوا عن رفضهم لمجرد مناقشتها أو طرحها فيما يخص الكثير من شئون البلاد في المستقبل عكس ما توقعت اللجنة منهم كرد على سعيها الدائم لكسب رضاهم وخدمة قضاياهم ولكن لكل شيء آخر وعلي الشباب أن يغيروا فكرهم وإلا فإن الرياضة التي يعتبرونها المتنفس الوحيد يمكن المساس بها أيضا!!.

 

  

5- أن سلوك السيد النائب لم يكن مفاجئا لأي من المراقبين، ليس لأنه يهاجم الجماهير وجماهير الأهلي بالتحديد في كل مناسبة، ولا لأنه أحيانا يستخدم وسائل غير مشروعة عند التعامل مع الخصم، ولكن لأنه لم يقرأ التاريخ جيدا ولا حتى التاريخ القريب، فربما يشعر انه رجل المرحلة وما بعدها طبقا للتكليفات أو لتطوعه بالقيام بمهام يؤيده فيها الكثير من المسئولين، ولكن السيد "الفهلوي" نسى أن هناك نماذج كثيرة حوله قد مرت بنفس التجربة .. وفشلت فيما بعد في الاستمرار، ولكن الفارق أن النماذج السابقة كانت ترتكز على أسس قوية يمكنها أن تعود لها مرة أخرى بلا خسائر جوهرية، ومثال على ذلك السيد مرتضى منصور، أما هو فعندما ينتهي الغرض منه فالتضحية به ستقذف به ربما إلى نقطة البدء، وربما لحالة اقل بكثير من حالته عند اعتزاله الكرة، إلى جانب انه لن يكون مسموحا له عندها بأن يتحرك نفس حركة اللاعب المعتزل، لذا فتركيبة شخص مثله تنبئ عن موت إكلينيكي اجتماعيا واقتصاديا منتظر ولن يتمتع بأقل المكاسب وهو مدح المأجورين من خلال الشاشات أو الصحف، كل ذلك لسبب بسيط انه لا يتمتع بالكياسة، فمنذ فترة وجيزة عرّض مجلس الشعب ولجنة السياسات للحرج عندما تجاوز في حق الصحفيين بما يحاسب عليه القانون ولكنه لم يجد أي حرج في الاعتذار على المنصة دون أن يعي آثار ذلك، وهاهو يعرض الجميع للحرج بسبب دفعه لكل الأجهزة للصدام مع الشعب لأسباب واهية وحقد وخلاف شخصي مع تغطية كل ذلك تحت مبرر وشعار أو راية معتادة منه ومن كل الكاذبين باسم مصر، اسم هذا المبرر "المحافظة على الأمن القومي من الخطر" مما يعد لعبا خطيرا بالنار، وتعريضا أخطر لوحدة الشعب على حب الوطن وزرع الألغام للتأثير على قوة العلاقة بين الشعب ورجال الأمن!!.

 

  

6- أن السيد النائب "الكاذب" يعمل على ترسيخ مبدأ جديد في تعامل الإعلام مع المبادئ والقيم الأخلاقية للرياضة، هو الجرأة في الكذب على الجميع، ثم العودة بعد فضح الأكاذيب لمواجهة الجماهير بنفس الوجه وبنفس الثقة بأن الجميع إما "طيب" أو "عبيط" فهل يصح أن يكون ذلك هو أسلوب التعامل مع جماهير شعب كشعب مصر؟، بالتأكيد ما يحدث ما هو إلا استمرار اللعب بالنار، تلك اللعبة الجديدة القديمة، أي التي تخلص منها الشعب والحكومة منذ وقت طويل، حيث فرض الواقع المؤلم نفسه على الجميع!.

 

  

فهل بعد الفقر شيء يخشاه المواطن العادي؟، وهل بعد اللعب على أوتار مصائب الناس وكوارثها ما يمكن الحوار حوله؟، وبعد بيعه للمبادئ هو وضيوفه بأبخس الأسعار مع عدم احترام الوازع الديني أو الرادع الأخلاقي في كل ممارساته على الشاشة.. هل بعد كل هذا ذنب!!.

 

  

ألا يعرض سلوك مثل هذا النائب الجميع للخطر؟، ولماذا تترك الدولة ثقاباً حكومياً بيد غير مسئولة مثل يد هذا الشخص الذي عرض الجميع للخطر والصدام؟، أليس سلوك مثل هذا النائب هو اللعب بالنار؟، أم انه مأمور للعب بالنار؟!!.

 

  لك الله يا مصر في جحود أبناءك لأفضالك، ورحم الله شهداء غزة، وخفف الله على إحيائهم، وكفاهم الله الحاجة لغيرهم في صبرهم ابتغاء وعده، اللهم آمين.

 

 

 

 

 

 

 

 

......................

تعليقات