زمالك لا يعود

الأربعاء 21 يناير 2009, 12:43 كتب :

زمـــالــكــ لا يـــعــود !! ********************************************** لو لم أكن علي علم بأن صمويل بيكيت قد رحل عن عالمنا منذ ما يقارب العشرين عاما , لتخيلته مثلي مشجعا للزمالك المصري , يتابع بنظارته السميكة الزمالك بسقوطه و إنهياره ,, و مسئوليه بوعودهم و حلولهم ,, و جماهيره بألمها و أمانيها .. و ما أن ينتهي من كل هذا ليأخذ شهيقا عميقا لصدره العليل الذي أودي بحياته , و يمسك بقلمه ليكتب مسرحيته الشهيرة , في إنتظار جودو , أو في إنتظار الزمالك الذي لا يأتي أبدا !! خمس سنوات قاربت علي الإكتمال , و مازلنا نشتاق لعودة الزمالك لمنصات التتويج و للمنافسة علي البطولات , مازلنا نحلم و ننتظر بأن يأتي جودو , ولكنه لم يأتي أبدا طوال تلك الفترة الطويلة رغم الإنتظار ,, خمس سنوات وجماهير وفيـّة مازال يأخذها الحنين و يحدوها الأمل بأن الزمالك سيعود ,, مع كل خطوة تشجع و تقف خلف الفريق ربما يعود ,, مع كل ناشيء واعد و كل تعاقد جديد نأمل أن يكن جودو بينهم فربما نعود ,, مع كل إدارة جديدة نلتمس الإصلاح و الإخلاص فربما نعود ,, بل مع كل مباراة وفوز و هدف .. مازلنا ننتظر و أبدا لم يعود !! خمس سنوات قضاها الزمالك بين المحاكم و القضايا تارة ,, و المجلس القومي للرياضة و وعود مسئوليه و حلولهم و قوانينهم تارة أخري , الكل يريد حلا و الكل للمشكلة سببا ,, و بينما الجماهير مازالت تنتظر , تقف , تترقب , تتابع الإنهيار في صمت و ليس بيدها شيء إلا أن تشجع و تساند من يأتي ,, لربما يأتي جودو . خمس سنوات و مازالت جماهير الزمالك تلعب دور البطولة الأكبر علي خشبة مسرح الرياضة العبثية , تماما كما لعبها إستراجون و فلاديمير بطلي مسرحية بيكيت العبثية ,, حيث مازلنا جميعا نبحث عن جودو الذي لا يأتي و لكن ربما جودو الزمالك ليس عدما أو لم يتحول بعد للعدم و لكنه لن يأتي بضعف القرارات و التفكير المتوقف علي النظر تحت الأقدام , بلا أي نظرة أبعد موضعا أو تخطيط للقادم البعض الان مقتنعا بأن الإنتخابات ستقدم حلا سعيدا لنهاية المأساة و ستأتي بجودو الساحر الذي يغيـّر كل شيء في لحظة و يعيد الزمالك بين ليلة و ضحاها للحياة !! , و أخرون لم يجدوا من كل هذا الإنتظار طائلا فصرخوا يستنجدون بسيادة رئيس الجمهورية للتدخل أو ليحيل الزمالك بكامله للإدارة العسكرية , ربما يعود !! , و أخرون مازالوا في الإنتظار بعد فقدان الأمل التام فقد أعيتهم معضلة الزمالك و لم يعد لها حلا مجديا أو جوابا كافيا ,, فأكتفوا بالصمت و إنتظار ما تأتي به الأيام !! ********************************** الــدواء الــمــرّ , حـل أكــيــد ,, فلسفة الإنتظار في مسرحية بيكيت , لن تجدي نفعا مع الزمالك ,, فإنتظار بيكيت و أبطاله لجودو , كان خواء عقل و إستسلام بلا أمل , بل كان إنتظار للعدم و اللاشيء , و من ينتظر اللاشيء يصبح مجنونا حتما ,, بينما الزمالك الان لا ينقصه إنتظار بل يحتاج لعمل و جدّيـة , فلو كانت الإنتخابات هي الحل السعيد الوردي , فبدون العمل الجاد و الفعـّال من الان و إلي موعدها فلن يعود الزمالك و لو بألف إنتخابات غيرها , و سنظل ندور في حلقة مفرغة من الأسئلة و المشكلات التي لا تجد حلا , و سنظل ننتظر و ننتظر جودو مرة أخري لسنوات قادمة ,, و لنعود أيضا لنكتب نفس الكلمات !! بقيت مباريات معددوة للفريق الأبيض علي نهاية موسمه الخامس بفشل جديد و خروج من كل البطولات و دون أي منافسة تذكر أو مشاركة مشرّفة في أي بطولة , و هنا يكمن الحل في تلك الفترة بأن يأتي جودو التغيير و العمل الجاد من الان تمهيدا لفترة الإنتخابات القادمة . لا نحتاج الان لوعود جوفاء و تصريحات وردية بأن الزمالك سيعود مع أول فوز أو أول تألق للاعبيه , نحتاج الان و إلي الأبد , إلي أفعال و أيادي تبذل و تعمل و تنظر للأمام و لا تخدم الزمالك من منطق لجنة مؤقتة أو مجموعة موظفين يديرون النادي لفترة وجيزة , فلابد من إقتناع تام للجنة المؤقتة بأن جودو الزمالك الذي نعوّل عليه كثيرا لن يعود إلا بوجود أرضية و قاعدة سليمة يقدر بها إكمال المسيرة . الدواء غالبا يكن مرّا كالعلقم و لكنه الشفاء بإذن الله , و لأن كيانا كالزمالك يقارب عمره المئة عام , فإنه يحتاج لمن يضع النادي و تاريخه و إسمه في الإعتبار ولا يضع أي إعتبار لأي إسم أخر حتي ولو كان أحد أبناء هذا الكيان . تعاقد الزمالك مع مدير فني جديد , ربما تكن بداية جيدة للعودة المنتظرة التي لن تكن أبدا سريعة و لكنها بالتخطيط و التنظيم الجيد و إحسان إستغلالها ستحقق نتائج ملحوظة , فمن واقع سجل ديكاستال التدريبي نجده يمتلك مقومات جيدة و خبرة في التعامل مع اللاعب العربي بالإضافة لرصيد جيد من البطولات و الأقاب و شخصية قوية يمكنها السيطرة علي اللاعبين ,, و نعود لنأكد بأن إحسان إستغلال البداية من الإدارة المؤقتة هو الفيصل الوحيد للنجاح , فالإدارة المؤقتة مطالبة بإيجاد مناخ طبيعي لعمله كمدير فني , دون تدخل من هذا أو ذاك , و دون تدخل في إختصاصاته و قراراته بعيدا عن كل عاطفة و إعتبار .. و إستمرار ديكاستال كمديرا فنيا للزمالك طوال فترة الدور التاني بمبارياته يسمح له بقراءة تامة للفريق و اللاعبين و معالجة العيوب و سد الثغرات , و إستمراه لموسم أخر بعدها سيعطي حالة من الإستقرار الفني للفريق ,, و أتعشم ألا أري خبرا بالصحف بعد إنتهاء الموسم بأن الزمالك أقال ديكاستال لسوء النتائج و يبحث عن مدير فني أخر !! , وقتها سنعود للدائرة المفرغة مرة أخري !! الإدارة المؤقتة و الإدارة التي ستأتي بها الإنتخابات بعدها , لابد أن يجمعها نفس الفكر في التعامل مع الفريق , فمن يريد الزمالك أهلا به , و من يريد الرحيل فباب النادي مفتوح للجميع ويعرض للبيع فورا , حتي ولو أكمل الزمالك مبارياته المتبقية بناشئيه .. فقط يبقي القرار الجريء و الدواء المرّ هو الحل للعودة ,, فماذا قدم جمال حمزة للزمالك طوال خمس سنوات ليستحق كل هذا الإهتمام و يثير كل تلك الزوابع ؟ و ماذا قدم أسامة حسن و سلطان و عبد الرؤوف ؟ ماذا قدم شيكابالا و أيمن عبد العزيز ؟ ماذا قدم فتح الله و هاني سعيد ؟ ماذا قدم أجوجو العملاق و ريكاردو البرازيلي ؟؟ ,, ماذا قدم كل لاعب جديد أو قديم للزمالك إلا الفشل بعد الفشل !! نريد تخطيطا لا إنتظارا , فقد سئمنا الإنتظار و مللناه , و لم تعد عناوين الصحف بعودة الزمالك تؤتي نفعا معنا كمسكنات و مهدئات و لم تعد التصريحات و الوعود البرّاقة بتعاقدات هي الحل ,, فقد خدعنا كثيرا بها و لن نعود مرة أخري لنفس الدائرة لنرسم الخيال باللون الوردي و نتعامل معه كما الواقع , لنفيق في النهاية علي سراب و وهم نريد حلولا جذرية و قرارات جريئة تضع الزمالك في الإعتبار الأول و الأوحد ,, نريد مصداقية و واقعية لعلاج المشكلة بكل جوانبها ,, نريد حسما و قوة بلا أي إعتبارات و عواطف ,, نريد الزمالك مرة أخري ليعود ,, و أخيرا .. لا نريد أن يصبح إنتظارنا إستسلام , فلن ننتظر جـــودو ********************************************** كــلــمــة نــهــايــة ,, ستظل تحفة بيكيت - في إنتظار جودو - تحلق بعيدا عن أي شبيهة , و ستظل فلسفته قائمة و أسئلته مطروحة ,, من جودو المقصود ؟ و من ينتظره ؟ و هل مازال علي الأرض من يعتقد أن السماء سيهبط منها جودو المنتظر بلا عمل أو تخطيط ؟ , هل مازال هناك من ينتظر العدم و يستسلم للأوهام ؟! و إذا كان هناك من مازال مقتنعا بأن جودو الزمالك سيأتي بلا مقدمات , ويهبط من السماء ليصلح كل شيء بين ليلة و ضحاها , ودون أي عمل أو جهد من الان و لشهور و شهور قادمة , فليبقي في الإنتظار مهما طال به أو ليذهب ليحجز مقعدا في صفوف المسرح الأمامية , ليمتع نفسه مرة أخري , بتحفة جديدة من صمويل بيكيت و ليتحسر علي الزمالك كيفما يشاء و يشاهد .. نــهــايــة الــلــعــبــة

تعليقات