نظريــة البقـــاء ... 100/100 يا أهلـي

الاثنين 19 فبراير 2007, 00:07 كتب :

كم اضطرب هذا القلم في يدي وهو يسبقني ليسطر أحرفا تليق بوصف الرياح العاصفة التي اجتاحت قارة إفريقيا ولبَّدت سماءها بغيوم حمراء ساطع لونها ترهب الناظرين .

علي علو ٍ يقارب الثلاثة آلاف من الأمتار فوق سطح البحر الأحمر وفي أعالي الهضبة الحبشية الموحشة وعلي ملعب كأحراش الغابات الإستوائية والتي ازداد...   عشبها قسوة من قلة أوكسجين الهواء .. فاز الأهلي ! واستطاع بجدارة أن يقهر الإختناق وملعب الأحراش الإستوائية .

صدقوني لقد احترت قليلا وأنا أعيش معهم أثناء مشاهدتي للمباراة هذه الإجواء الإفريقية القاسية ! ، احترت لأني تذكرتهم من قرابة الشهرين في أقصي الشرق في جزر اليابان وفي أجواء باردة قاسية تحت الصفر وأيضا كانوا يبدعون ! ، إنه الأهلي يا رفاق الذي عاد من اليابان ليلعب مباشرة دون أي اعتبارات بيولوجية لأبدان لاعبيه المنهكة ورأيناهم أيضا يبدعون .. إنها نظرية البقاء ! ، التي سيحار فيها العلماء وهم يدرسون هذا الكائن الحمر العملاق الذي استعصي علي الإنقراض واستطاع التكيف والإفتراس في شتي الأجواء والقارات .

ما هذا ؟ فريق يلعب ويفوز في أقصي الشرق وأقصي الجنوب ! ، فريق يبدع ويتألق في أجواء من الجليد ونراه يتلألأ في أجواء يذوب من هولها الجليد ! ، فريق بنجومه الأفذاذ يفوز وبدونهم أيضا يفوز ! ، فريق يشرك ثلاثا من لاعبيه الذين انضموا إليه من شهر واحد فقط ليلعب بهم مباراة عصيبة بعد أن سقاهم إكسير النصر الأهلاوي من كأس البطولات الذهبي .

بالله عليك خبرنا يا أيها العملاق البرتغالي كيف تصنع الرجال ؟ ، فقد صرت عنوانا لا يخطئَه القاصي والداني , خبرنا كيف غرست في قلوبهم الثبات في أحلك المواقف و كان أقربها بعد ضربة الجزاء التي أعادها حكم المباراة ( المسطول ) بعد أن تصدي لها ( السد العالي ) بعبقرية منقطعة النظير , ظننت بعدها أن الأعصاب قد شابها الإنهيار ولكني رأيت ( أحمد حسن ) يصوب بعدها بكل هدوء وثبات ودقة وكأن أمراً عارضا كان وانتهي ، سلمت يمينك يا ( جوزيه ) , ستظل الشوكة التي تقف كالغصة في حلق كل متربص بالسوء لنادينا الأبي , ولست أدري كيف يستطيعون أن يرفعوا أعينهم في عينك وهم مهنئين لك , لقد أحرجتهم يا أيها العملاق لأنه صار عليهم أن يأتوا إلي مطار القاهرة ليكونوا في شرف استقبالك رغما عن أنوفهم ليباركوا بطولة غالية اقتنصتها أنت و أبناءك الكرام .

لاعبو الأهلي اليوم كانوا أشبه بكتيبة الصاعقة في أيامها الأولي في الجيش ! ، مطلوب منها تحقيق الهدف ولكن في ظل ظروف مناخية ومدارية وجغرافية عنيفة الوطأة والتأثير , وخرجوا والحمد لله منتصرين بأيدي الحضري البيضـاء , وبوجوه مصرية سمـراء , علي أرض إفريقية خضـراء , بسيوف مواض ٍ حمـراء , كأنهم يتلمسون قول " صفي الدين الحلي " :

( بِيضٌ صَنائِعُنا ، سودٌ وقائِعُنا *** خضرٌ مَرابعُنا ، حُمرٌ مَواضِينا )

وكأن الأقدار تتبسم لهذا الجيل الفريد من أبطال الأهلي , بل إنها لأقدار لا تتأتي إلا لمن اجتهد وكافح وعاش علي صناعة النصر طوال مائة عام من عمر البشرية , أقدار هيأت البطولة التاسعة والتسعين ليبقي الرقم الأخير في أنفاس العام الخير من السنين المائة , ليصير النغم والإيقاع الرقمي الرنان مواكبا لحدث غال ٍ وعظيم في تاريخ القلعة الحمراء , ونحن في الإنتظار لنقول :100/100 يا أهلـي .

تعليقات