من السبب في تفوق الأهلي ... مانويل جوزيه أم اللاعبين ... حيرتونا معاكم

الأحد 04 ديسمبر 2005, 06:44 كتب : محمد مصطفي

و رغم أنني لا التفت كثيراً لأمثال تلك الكتابات المغرضة إلا أنه يجب الرد الفوري حين تكون المغالطات كثيرة و الأغراض خبيثة .. أحد هؤلاء الكتاب فاجئنا بمقال طويل عريض يقول فيه انه اختار الوقت المناسب قبل سفر الأهلي لليابان لكي يتحدث و يضع نقاط على الحروف ، و انبرى...   الكاتب الهمام في وضع عدة مقارنات بين أداء الأندية المصرية أمام نظيرتها أفريقياً و عربياً و أداء المنتخب المصري أمام تونس ، موضحاً لا فض فوه أن سبب تفوق الأندية المصرية هو ضعف الفرق الأفريقية و العربية لاحتراف لاعبيها و أن سبب تفوق الأهلي و إنبى على النجم الساحلي و الأفريقي التونسيان هو احتراف لاعبيهم خارج تونس ، و عدد اللاعبين المحترفين .

في أول الأمر لم أفهم ما سر ربط سفر النادي الأهلي لليابان بتوقيت نزول هذا المقال ، و سرعان ما اكتشفت سر التوقيت ، فكاتب المقال سمع همساً علي الساحة الرياضية يطالب أصحابه بتولى مانويل جوزيه مهمة تدريب المنتخب المصري في نهائيات كأس أمم أفريقيا يناير 2006 ، و لأنه من الممكن أن يتألق النادي الأهلي في نهائيات كأس العالم للأندية و قد يزداد الضغط على اتحاد كرة القدم من أجل التغيير ، فيجب أن نقلل من إنجاز النادي الأهلي و نضرب تفوقه .

و حقيقة فأنا أرى أنه من الخطأ أن يتولى مانويل جوزيه مهمة المنتخب ، فهي مغامرة غير محمودة العواقب و آثارها السلبية أكثر بكثير من إيجابياتها خاصة في ظل التعصب الجماهيري الشديد للأندية على الساحة الرياضية الآن من ناحية ، و من ناحية أخرى لمعرفتي بشخصية مانويل جوزيه الذي يعمل بنظام و لا يعتمد أبداً على العشوائية .

لكن أن يتم التقليل من إنجاز النادي الأهلي و تفوقه على الساحتين المحلية و الأفريقية بهذا الشكل فهذا أمر مرفوض تماماً ، بل هو إهدار لجهد كبير بذله لاعبو النادي الأهلي و جهازهم الفني طوال عام كامل من الجهد و العرق .

قال الكاتب في مقاله إن نادي الرجاء البيضاوي ترك أبرز لاعبيه أمين ألرباطي وحميد ناطر وعبد اللطيف جريندو وهشام بوشروان للاحتراف ، و أقول له إن هؤلاء اللاعبين تركوا نادي الرجاء بعد خروجه من بطولة دوري رابطة الأبطال و ليس قبله ، و هم أنفسهم كانوا في تشكيلة نادي الرجاء البيضاوي التي لعب أمامها النادي الأهلي ذهاباً و إياباً في نفس البطولة ، و السؤال المهم : لماذا لم تفز أندية تونس ببطولات أفريقيا في السنوات الثلاثة الماضية قبل احتراف لاعبيها ؟ ، كما قال الكاتب إن نادي الهلال السوداني تفوق على الأهلي العام الماضي و حرس الحدود هذا العام لأنه أقوى منهم ، و سؤالي للكاتب الهمام : أين أندية السودان على الساحتين العربية و الأفريقية ، بل إنه بهذا المنطق و طالما أندية السودان أقوى فإن منتخب السودان الذي يضم لاعبي الهلال و المريخ أقوى من منتخب مصر ، أما النادي الإفريقي فمعتاد على الهزائم أمام الفرق المصرية و تاريخه يشهد .

كما يقول الكاتب إن دولاً أفريقية مثل المغرب و تونس و نيجيريا تفوقت فقط لأن لاعبوها محترفين ، و أقول له إن أنجولا التي لا تضم إلا لاعبين أو ثلاثة محترفين تفوقت على نيجيريا بمحترفيها و صعدت بدلاً منها لنهائيات كأس العالم 2006 بألمانيا ، بل إن مصر تفوقت عامي 1986 ، 1998 على محترفي أفريقيا و فازت بكأس أمم أفريقيا ، بل و تفوقت على الجزائر بمحترفيها و هي في أوج قوتها و صعدت بدلاً منها إلى نهائيات كأس العالم بإيطاليا 1990 .

و يتحدث الكاتب عن مباراة المنتخب المصري و نظيره التونسي قائلاً إن لاعبي الأهلي الذين تفوقوا على نادي النجم الساحلي فشلوا في هزيمة المنتخب التونسي بقميص منتخب مصر !!! ، يا للعجب .. منذ متى و نحن ننظر للاعبي المنتخب بتلك النظرة القاصرة ؟ ، منذ متى و نحن نقول على لاعبي المنتخب أنهم لاعبي النادي الفلاني بقميص المنتخب ، و رغم رفضي التام لمجرد المناقشة في تلك النقطة ، إلا أنني اذكر الجميع أن لاعبي النادي الأهلي على أرض الملعب لم يتعدوا طوال المباراة عدد أربعة لاعبين و زادوا إلى خمسة بنزول أسامة حسنى في منتصف الشوط الثاني فقد بدأ المنتخب المصري بتشكيل مكون من : عصام الحضري, وائل جمعة, عبد الظاهر السقا, أحمد فتحي, طارق السيد, أحمد حسن, حسني عبد ربه , محمد شوقي , محمد أبو تريكة , عمرو زكي و أحمد حسام ميدو .. و بعد ما يقرب من 27 دقيقة , خرج محمد شوقي و لعب محمد بركات و مع بداية الشوط الثاني يخرج وائل جمعة و عبد الظاهر السقا و أحمد فتحي و يلعب عماد النحاس و بشير التابعي و حسام غالي بدلا منهم , و في منتصف الشوط الثاني يخرج عمرو زكي و يلعب أسامة حسني بدلا منه ، فهل من هزم في مباراة تونس هو النادي الأهلي ؟ .

إن مجرد طرح الكاتب لتلك النقطة في مقاله هو الكارثة بعينها ، فمنذ متى و نحن ننسب فوز و خسارة المنتخب للأندية ، إنني أرى في الأفق كارثة محققة فبمجرد نسب الفوز أو الهزيمة لنادي معين في مباريات المنتخب سندخل المنتخب و هو فى خضم منافسات بطولة كأس الأمم في نفق تعصب مظلم أعمي لا يعلم مداه إلا الله .

و يعود الكاتب ليقول إن لسبب الرئيسي لخسارة منتخب مصر أمام تونس هو اختلاف طبيعة المنافس ، وليس الجهاز الفني كما يدعي البعض ، و العيب ليس في المدرب نفسه ، ولكن في " قماشة " اللاعبين ، فعلينا أن نقوم بإخراج ست أو سبع لاعبين للاحتراف أوروبيا لكي يفيدوا المنتخب ، و أن لاعبين من نوعية متعب وبركات وأبو تريكة وشوقي وحسن مصطفى والنحاس وشيتوس قادرين على اللعب في أفضل الأندية الأوروبية ، وأتمنى ولو لمرة واحدة أن ننظر إلى مصلحة المنتخب وليس الأندية ، حتى لو خسرنا كاس الأمم 2006 ، فنحن قادرون على الفوز بكئوس أمم قادمة كثيرة والتأهل إلى كأس العالم كثيرا ، فقط لو فتحنا باب الاحتراف .

لقد كشف الكاتب و بكل وضوح عن تعصب أعمي مقيت لنادي يشجعه ، فليس مهماً أن تفوز مصر بكأس الأمم المقامة على أرضها ، و لكن المهم هو تفريغ الأهلي من سبعة لاعبين حددهم بالاسم ، و لم يذكر غيرهم و كأن مصر لا يوجد بها إلا لاعبي الأهلي ، فالغاية إذن هي تدمير الفريق الذي اكتسح الساحتين المحلية و الأفريقية ، الهدف هو تدمير الفريق الذي اكتسح منافسه الرئيسي في مصر أربعة مرات متوالية ، إن الغاية من المقال واضحة لكل ذي عقل لبيب ، فلا مصلحة مصر تهم و لا البطولة التي ننظمها على أرضنا تهم ، المهم هو تفريغ الأهلي من مواهبه .. و كم من الجرائم ترتكب بإسم الوطنية و التشدق بمصلحة منتخب مصر .

لا يا سادة ... العيب ليس في القماشة أبداً بل إن العيب - و اعذرونا فى التشبيه - في الترزي ، و لنا في محمود الجوهري و مانويل جوزيه المثل الحي فرغم اختلاف الفكر و طرق اللعب بينهم إلا أن الاثنان اتفقا على أنه لكي تنجح يجب أن تسيطر سيطرة كاملة على الفريق الذي تدربه من الأف للياء و يكون الفريق - مع الفارق - مثل قطع الشطرنج يحركه المدرب كما يشاء دون فلسفة أو تعقيد لعب من أى لاعب .

نعم العيب ليس في القماشة أبداً ، فمانويل جوزيه غير من فكر اللاعب في النادي الأهلي جذرياً ، فقد تعود اللاعب انه عندما يفوز يسترخى ، و عندما يكسب بطولة يعيش في احتفالات لشهور طويلة ، و أن أول مباراة بعد أي فوز كبير ممكن جداً يتعادل بالعافية و بعد أداء غاية في السوء ، كنا دائماً نقول انه من المستحيل أن تغير في فكر اللاعب المصري و أنه يجب تربيته من الصغر على مفاهيم احتراف حقيقية ، و كلام كثير يفيد بأن المشكلة في فكر اللاعب الذي تعود من صغره على مفاهيم غلط و ثقافة تكتيكية محدودة ، و لم يفكر أحد لماذا ينجح لاعبونا بعد الاحتراف رغم أنهم تربوا على مفاهيم خاطئة ؟ .

مانويل جوزيه كشف بكل بساطة أن ما يتشدق به بعض النقاد من كلام في حق اللاعب المصري هو عجز ، نعم عجز في الفهم و عجز في الفكر و ضحالة كبيرة في الثقافة التدريبية ، أو القياس ليس في هذا العام فقط فلا ننسى أن مانويل جوزيه بمجموعة شباب فاز بدوري أبطال أفريقيا عام 2001 ، و اعتبر هذا رد بليغ على من يقول إن هذا الفريق لو مع أي مدرب صغير كان فاز و تفوق كما قال نقادنا الأشاوس الذين كشف مانويل جوزيه ضحالة فكرهم ، نقادنا الذين تناسوا أنها منظومة كبيرة تتكون من إدارة و جهاز فني و لاعبون و جمهور ، نقادنا الأشاوس الذين يتحدثون عن مغامرات مانويل جوزيه ، و لا يعرفون أن المدربين الكبار في العالم كله لهم مغامراتهم لأنهم يتفهمون كرة القدم فهماً سليماً ، فالكرة في الأساس متعة و ليست بطولات فقط و إلا لما قمنا ببناء ملاعب تستوعب عشرات الآلاف ، الكرة هجوم و دفاع و ليست دفاع فقط ، من حق المشاهد أن يستمتع طالما دفع ثمن التذكرة ، فكر أوروبي بحت نجح جوزيه أن يوصله للاعبيه كما لو كان طبيب نفسي ، الانتصارات مكانها المتاحف و لا وقت للحديث عن فوز بالخمسة أو بالأربعة ، المهم أن تستمر في الفوز .

القصة كبيرة .. قصة أساسها أن الكرة جماعية و ليست فردية ، فلولا دفاع حديدي ما اطمئن شوقي و حسن و اندفعوا لتدعيم الهجوم و لولا اندفاع خط الوسط المطمئن و انشغال الدفاعات المقابلة بوفرة هجومية هائلة و ضغط شديد ما وجدنا ثغرات ينطلق منه بركات أو متعب أو أبو تريكة .. الجماعية هي الأساس و ليس لاعب أو اثنين أو ثلاثة ، البرازيل كانت تمتلك فريق ذهبي في أوائل الثمانينات مشكلته قلبي الدفاع و حارس المرمى و لم تحقق شيء في وجود سقراط و إيدر و زيكو و أوكار و إيزيدورو الرهيب و غيرهم ، الفريق كتلة واحدة و أي لاعب في غير مستواه يتم تغييره فورا و لا مكان للعواطف ، و واحد يقول أصل اللعيب يتأثر و الأفضل تغييره بين الشوطين ، كلام عاطفي لا بيودى و لا بيجيب ، مانويل جوزيه حول الفريق كله لفريق يلعب باحتراف و غير مفاهيم كثيرة خاطئة في عقول اللاعبين .

كثيرون تحدثوا و سمعناهم و كثيرين كتبوا و قرأنا لهم عن مشاكل بين اللاعبين الاحتياطيين و مانويل جوزيه ، و أن فلان يريد الاحتراف أو الانتقال و أن هناك حالة من الغضب عند اللاعبين ، و بكل بساطة أقول : إن اللاعب الغاضب لا يعطى أبداً و لا تجده متألقاً حين يلعب لدقائق و كان المثل الحي في المباراتين الأخيرتين للنادي الأهلي ، حين أشرك مانويل جوزيه ثمانية بدلاء في المباراتين و لعبوا و أبدعوا ، بالله عليكم هل هناك غاضب يبدع ؟ .

لقد كشف مانويل جوزيه بالفعل أن الكثيرين ممن يعملون بالحقل الرياضي في حاجة ماسة لإعادة فهم كرة القدم ، و أن أغلب ما يكتب من نقد للاعبينا فيه الكثير و الكثير من التجني عليهم .

حين حقق مانويل جوزيه انجازات و أرقام قياسية غير مسبوقة ، قرأنا لهم أن التفوق سببه اللاعبين " القماشة " ، و عندما همس البعض بأنه من الضروري الاستعانة بمانويل جوزيه لتدريب المنتخب أصبح العيب في " القماشة " .

نقادنا و كتابنا الأفاضل ... من السبب في تفوق الأهلي ... مانويل جوزيه أم اللاعبين ... حيرتونا معاكم .

تعليقات